Site icon IMLebanon

أميركا ومواجهة إيران في المنطقة

“من الخطأ الاعتقاد ان إيران ستتحول دولة حليفة لأميركا أو شريكاً لها في معالجة مشكلات المنطقة بعد إنجاز الاتفاق الاطار لتسوية النزاع النووي معها وفي حال توقيع الاتفاق النووي النهائي الشامل في نهاية حزيران المقبل. هذا خطأ فادح إذ ان الخلافات عميقة وأساسية بين أميركا وإيران على قضايا إقليمية عدة ولن تنتهي أو تزول مع إنهاء النزاع النووي. والحقيقة الأساسية هي ان أميركا والدول الغربية تقف الى جانب العرب في الصراع الواسع مع إيران وهي تؤيد وتدعم المصالح الحيوية المشروعة للدول العربية وخصوصاً المعتدلة منها في التعامل مع النظام الإيراني ومستعدة عند الضرورة لتوفير الحماية لها ضد أي تهديدات إيرانية محتملة”. هذا ما أوضحه لنا مسؤول غربي بارز في باريس وثيق الصلة بإدارة الرئيس باراك أوباما ومعني بشؤون الشرق الأوسط.

وقال: “ان المعلومات التي تملكها أميركا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا ودول غربية أخرى من طريق سفاراتها واتصالاتها ومشاوراتها مع الكثير من الزعماء العرب تظهر ان الغالبية العظمى من الدول العربية تعارض صراحة أو ضمناً استراتيجية التمدد الإيراني في المنطقة وسياسات طهران المزعزعة للاستقرار في عدد من الساحات، والساعية الى تغيير موازين القوى لمصلحة الجمهورية الإسلامية وحلفائها. وإذا سألت معظم الزعماء العرب: ماذا تريدون من إيران وماذا يمكن أن تفعله أميركا؟ فالجواب واحد تقريباً وهو: نريد وقف حال التوتر والعداء بين العرب والإيرانيين ونريد خصوصاً وقف تمدد إيران في المنطقة المتناقض مع مصالح دولها وشعوبها ووقف تدخلاتها السلبية في عدد من الساحات. ونريد من الإدارة الأميركية أن تستخدم نفوذها لإقناع القيادة الإيرانية بضرورة التخلي عن سياسة “تصدير الثورة” الى الدول الأخرى وعن الاستقواء على البعض منها والعمل على بناء جسور الحوار والتفاهم والتعاون مع الدول العربية لضمان المصالح المشروعة لكل الأطراف، وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة”. وأضاف المسؤول الغربي: “إن العلاقات الواسعة النطاق والعميقة الجذور بين أميركا ومعظم الدول العربية ورقة مهمة وأساسية في أيدي إدارة أوباما، ولن تتخلى عنها أو تضعفها من أجل محاولة استبدالها بعلاقات وتعاون مع إيران الساعية الى إضعاف المعتدلين العرب وحلفاء واشنطن والغرب وتغيير الأوضاع لمصلحتها. فإيران دولة مهمة يجب احترام مصالحها المشروعة ولكن ليس على حساب المصالح العربية، خصوصاً انها تتحرك في عالم عربي – إسلامي واسع جداً يرفض، لأسباب متنوعة، الخضوع لأي نوع من أنواع الهيمنة الإيرانية. فالدعم العربي الواسع النطاق لعملية “عاصفة الحزم” الذي كرسته قمة شرم الشيخ يؤكد وجود تصميم عربي – إقليمي – أميركي – غربي على مواجهة التمدد الإيراني في اليمن وفي المنطقة عموماً بوسائل متنوعة. والواضح من الاتصالات الأميركية والفرنسية ان الغالبية العظمى من الدول العربية ترفض وتعارض سياسات إيران في اليمن وسوريا والعراق ولبنان وفلسطين ومنطقة الخليج العربي وتؤيد اتخاذ إجراءات وخطوات مناسبة لمواجهة خطط طهران”.

وأشار المسؤول الغربي الى أن المقابلة الطويلة التي أجرتها صحيفة “النيويورك تايمس” مع أوباما بعد إنجاز الاتفاق الاطار النووي تعكس هذه الأجواء والتوجهات، إذ ان الرئيس الأميركي وصف إيران بأنها “دولة خطيرة” وشدد على “ان الصفقة النووية مع إيران لم تنجز حتى الآن وإنجازها لن ينهي مشاكلنا مع طهران. وعلى هذا الأساس سنواصل العمل بقوة مع حلفائنا وأصدقائنا من أجل خفض ووقف نشاطات إيران المزعزعة للاستقرار ورعايتها المنظمات الإرهابية”. وأوضح أوباما: “اننا نتفاوض مع الإيرانيين من أجل تسوية النزاع النووي معهم، لكننا في الوقت عيه نبعث اليهم برسالة واضحة نطلب منهم فيها تغيير تصرفاتهم وتوجهاتهم ونؤكد لهم اننا سنحمي حلفاءنا إذا واصلتم تنفيذ الأعمال العدائية المزعزعة للاستقرار في المنطقة”. وما يسترعي الانتباه في هذه المقابلة ان أوباما شجع الدول العربية الحليفة، للمرة الأولى علناً، على تنفيذ عمل عسكري في سوريا ضد نظام الرئيس بشار الأسد إذ قال: “إن الولايات المتحدة مستعدة لتعزيز القدرات العسكرية لحلفائنا العرب ولكن عليهم أيضاً زيادة استعدادهم لاستخدام قواتهم البرية من أجل تسوية مشاكل إقليمية”. وتناول الأوضاع الكارثية في سوريا وقال: “لماذا لا نرى العرب يقاتلون ضد انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا وضد أعمال الأسد؟”. واستناداً الى المسؤول الغربي فإن “كلام أوباما هذا ليس عابراً بل يعكس تصميماً أميركياً – عربياً غير معلن على تكثيف الضغوط على النظام السوري من أجل إنجاز حل سياسي للأزمة على أساس تطبيق بيان جنيف المؤرخ 30 حزيران 2012 والذي يطالب بالانتقال الى نظام جديد تعددي ديموقراطي يحقق التطلعات المشروعة لكل مكونات الشعب السوري، الأمر الذي يؤدي الى إنهاء حكم الأسد. وهذه رسالة قوية الى القيادة الإيرانية”.