IMLebanon

الحكومة على وقع انتظارات المسؤولين.. والسقوط الحر قد يزيد حدة

 

يحور اللبنانيون في قعر أزماتهم. يقتاتون منها كمن يلحس المبرد، أو ينهل من ذلك السم الذي في العسل، فيما مسؤولوهم يتمادون بين لهو وحرد وثرثرة وقلة حيلة أو حياء. والأمضى أن غالبية هؤلاء فقدت الوجل تماما. ما عادوا يخفون إشهارهم قلة حيلتهم أو ضعف حَيْلهم. هم يقفون، جهارا، عند حافة لائحة طويلة من الإنتظارات الخارجية، أحدثها المصالحة العربية في قمة العلا، وقبلها الإدارة الاميركية الجديدة ومآل مفاوضاتها مع طهران، وربما وصولا الى الانتخابات الرئاسية الإيرانية والسورية.

 

سابقا، كان لبنان قادرا نسبيا على أن يحمل، سياسيا واقتصاديا، ثمن التأخير في إنضاج حلوله. لذا ظل اللبنانيون يعوّلون على أن أي تأخير في الحلول لا بد أن يأتي بما يصلح أمورهم، وتاليا يعيد تجميل الصورة القبيحة لمسؤوليهم. الأخيرون تحديدا فقدوا اليوم هذا الترف الذي طالما وفره لهم اللبنانيون، من حسابهم وعلى حسابهم. فالفقر في تزايد، والدولة الى مزيد من التفسّخ والتحلل، والبلد الى إفلاس جذري، وخزائنهم فارغة، وقوتهم لا يكفي كفافهم اليومي ولا حاجات عيالهم الأساسية. رغم كل ذلك، يطول سبات المسؤولين، كأنه الى ما لا نهاية، مرة جديدة في ارتقاب لائحة الانتظارات الطويلة.

 

من المفيد التذكير أن باريس ماضية في التحذير من الاختراقات لكن بلا جدوى

 

 

يقضّ ذلك المشهد كل عاقل محلي او أجنبي، ما عدا حفنة من مسؤولي اللهو والحرد والثرثرة.

 

ثمة في بيروت من يرى مشهد الإنتظارات الثقيلة وفق الآتي:

 

1- الفسحة التي يفرضها، نظريا، رحيل إدارة الرئيس دونالد ترامب، بما يتيح، بدءا، حوارا إيرانيا – أميركيا بخطى سريعة تمهد له إدارة الرئيس المنتخب جوزف بايدن الذي يستمر في تكوين فريقه، ولا سيما لقضايا الشرق الاوسط. وهو يتجه الى تعيين بريت ماكغورك رئيسا لمكتب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجلس الأمن القومي. وسبق للرجل الضليع في شؤون المنطقة وشجونها، أن شغل منصب المبعوث الرئاسي للتحالف الدولي ضد «داعش»، ليستقيل في كانون الأول 2018 احتجاجاً على قرار ترامب بسحب القوات الأميركية من سوريا، بعد ساعات من إعلان وزير الدفاع حينها جيمس ماتيس استقالته. وكان لافتا حينها رد فعل ترامب، إذ صرح تعليقا على الإستقالة، أنه لا يعرف من هو المستقيل.

 

وماكغورك أشرف سابقا على تشكيل تحالف عسكري متعدد الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة لتدمير داعش في العراق وسوريا. عيّنه في منصبه الرئيس باراك أوباما في عام 2015 وظل فيه حتى تقدم باستقالته.

 

وكان قد عمل نائبا لمساعد وزير الخارجية لشؤون العراق وإيران، وقاد مفاوضات سرية مع إيران بين تشرين الاول 2014 وكانون الثاني 2016، أدت إلى الإفراج عن أربعة معتقلين أميركيين في سجن إيفين، من بينهم مراسل صحيفة واشنطن بوست جايسون رضائیان.

 

2- المصالحة الخليجية التي أرستها قمة العلا. ولا يخفى التعويل عليها لإعادة انتظام العلاقات العربية على نحو يصحح الخلل الذي شابها على إمتداد العقد الفائت، وتحديدا منذ الحرب السورية في العام 2011. كما لا يخفى أن ثمة في لبنان من يعوّل على تلك المصالحة كمحطة من شأنها ان توازن أي خلل متوقع لمصلحة إيران في المنطقة، في حال أتت مفاوضاتها مع واشنطن على غير ما يشتهي العرب. إذ من شأن أي توازن إقليمي، وفق الفريق السياسي المعوّل على المصالحة العربية، أن يتيح له توازنا داخليا في مواجهة الفريق الخصم، والمقصود تحديدا حزب الله. في هذا السياق، يتضّح جليا أن هناك من يضغط محليا لكي يتشدد الرئيس المكلف سعد الحريري أكثر فأكثر في مقاربته مسألة تأليف الحكومة، وهو ما بدا واضحا في ما نسب في الساعات الأخيرة الى مقربين من بيت الوسط.

 

لكن هناك من ينظر بريبة الى هذين الانتظارين، شكلا ومضمونا. بمعنى ان الإستحقاقين، العربي من جهة، والإيراني – الاميركي من جهة ثانية، من شأنهما أن يصطدما اصصداما مؤلما في حال ظل المسار الإقليمي على ما هو عليه راهنا من تحدّ، وهو ما سيؤدي حكما الى زيادة التعقيدات وتذخير خطوط التماس في المنطقة، بما يزخّم حال السقوط الحر التي تصيب لبنان راهنا. وعندها سيؤدي انتظار كل من الفريقين تحولا إقليميا ما، قد يتأخر الإتيان به، الى تمديد طويل للأزمة الحكومية واستطرادا الإقتصادية، بما يفتح الباب أمام شتى أنواع الاختراقات، أكثرها خطورة تلك التي ستنشأ حكما من إستفحال الأزمة المعيشية. وهو الأمر الذي تكرر عواصم القرار المعنية، ولا سيما باريس، التحذير منه ولفت النظر اليه، بلا جدوى.