كشفت مصادر سياسية مطّلعة، أن التسوية الشاملة كما اقترحها الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله وتلقّفها الرئيس سعد الحريري، قد انطلقت جدّياً وتقترب يوماً بعد يوم من محطّتها الأخيرة، حيث أن اللمسات النهائية بدأت ترتسم بعيداً عن الأضواء، محاطة بدعم إقليمي ودولي، بصرف النظر عن الإنشغالات الراهنة بالأزمة السورية وبالتوتّر الحاصل بين تركيا وروسيا. وقالت هذه المصادر، أن الرئيس الحريري والنائب وليد جنبلاط، بحثا في لقاء جمعهما في باريس منذ مدة في الإستحقاق الرئاسي من دون الخوض في أية تفاصيل حول التسميات، وذلك على اعتبار أن الرجلين كانا على اطلاع وثيق على المناخ الدولي، ولا سيما الأميركي، والذي كان مصرّاً على وجوب خروج لبنان من الدائرة المفرغة قبل أن تنضج التسوية في سوريا. وأضافت أن عواصم القرار في المنطقة، تؤيّد هذا الإتجاه الأميركي، وتدعم خيار ترشيح رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، وبالتالي، فإن النقاش الذي دار في اللقاء الأخير، أيّ ما بعد اجتماع الحريري ـ فرنجية في باريس، تطرّق إلى مرحلة ما بعد الإنتخابات الرئاسية، حيث أن الحريري وجنبلاط بحثا بشكل مفصّل في العناوين الأمنية والإقتصادية والعلاقات بين لبنان وسوريا، أي بالضمانات السياسية التي تطلبها أكثر من جهة في قوى 14 آذار، في سياق وصول فرنجية إلى سدّة الرئاسة، ولذلك، فإن قانون الإنتخاب قد شكّل العنوان الأبرز، خاصة وأنه البوابة الأساسية لتحديد التركيبة السياسية التي ستنشأ في المرحلة المقبلة، إضافة إلى العلاقات الخاصة التي تربط فرنجية بالنظام السوري، والتوافق الكامل بينهما في النظرة إلى القضايا الإقليمية.
وتحدّثت المصادر السياسية المطّلعة نفسها، عن ارتياح برز لدى الحريري للمواقف المعلنة من قبل فرنجية والتي ردّت على كل هذه الهواجس والعناوين بعبارة أنه سيكون رئيساً لكل لبنان، وهو ليس في وارد التعاطي بالأسلوب الذي جرى اعتماده في حقبات سابقة، لا سيما عهد الرئيس إميل لحود، حيث كان لفرنجية تحفّظات على بعض ما شاب الأداء السياسي في تلك الفترة، وقد طرحها يومها في أكثر من مناسبة في العلن، كما في مجالسه الخاصة.
وأضافت هذه المصادر، أن مرحلة ما بعد اللقاء الباريسي، ستختلف عما قبلها، وذلك بصرف النظر عن كل ما يتم التداول به من توقّعات «تشاؤمية». لافتة إلى أن التحرّكات اليومية الجارية بين قيادات 14 آذار، تركّز على المرحلة المقبلة، وليس على مسألة الترشيح، علماً أن تأجيل البتّ في الإعلان الرسمي لبعض المرجعيات لترشيح فرنجية، هَدَفَ إلى انتظار نتائج الجولات التي يقوم بها معاونو الحريري وجنبلاط، والتي أطلقت دينامية سياسية واسعة النطاق تخطّت هذا الإطار إلى أوساط فريقي 8 و 14 آذار. وكشفت المصادر ذاتها، أن المداولات الجارية تتناول الإجابات الواضحة على كل التساؤلات التي تناولت العناوين التي طُرحت في لقاءات باريس والرياض، والتي ستفضي إلى خطوة أولية سيقوم بها جنبلاط، يعلن فيها، وبعد اجتماع لـ«اللقاء الديمقراطي» سحب ترشيح النائب هنري حلو، وتبنّي ترشيح النائب فرنجية لرئاسة الجمهورية، على أن ينسحب الأمر عينه على كتلة تيار «المستقبل». وأضافت أن «حزب الله»، يقوم باتصالات ولقاءات بعيدة عن الأضواء لمناقشة هذا الترشيح، لافتة إلى أن الإتصالات قد قطعت شوطاً متقدّماً، ولكنها ما زالت مستمرة ومفتوحة مع «التيار الوطني الحر»، مشيرة إلى أن زيارة قريبة سيتم تحديدها للمعاون السياسي للسيد نصرالله الحاج حسين الخليل إلى الرابية لعرض هذه المستجدّات والمعطيات مع رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون، ولكن من دون أن تظهر في الأفق أية مؤشّرات حول النتائج المرتقبة لهذا التشاور.