عن اتهام الرئيس باراك أوباما بعدم امتلاك سياسة تتعلق بسوريا تحدّث المسؤول المهم السابق نفسه، الذي ساهم من أكثر من موقع في “الإدارات” المهمة داخل الادارة الأميركية في العمل على عملية السلام الاسرائيلي – الفلسطيني – العربي وتعاطى من قرب مع الموضوعين السوري والإيراني، قال: “غير صحيح الاتهام. عنده سياسة وهي تقضي بعدم التدخل في سوريا”. علّقتُ: هذه ليست سياسة. ردّ: “معك حق”. علّقتُ: أنا ألومه بسبب غياب السياسية السورية عنده. وألومه لسبب آخر أيضاً هو عدم فرضه على حلفائه العرب والأتراك والسنّة عموماً، قبل ظهور “داعش” و”النصرة” وغيرهما، توحيد المعارضة السورية السياسية والعسكرية وانشاء جيش فعلي يمكن أن يسمى “الجيش السوري الحر”. لكنه لم يفعل. وهؤلاء الحلفاء تقاتلوا أو تنافسوا على النفوذ في سوريا”. علّق: “أنا معك في كل ذلك. لكن هذا ما حصل. بوتين رئيس روسيا استفاد من غياب أميركا وعدم امتلاك رئيسها سياسة. استغل الغياب أو عدم الاهتمام الأميركي للقيام بما يريد. في أوكرانيا، احتل شبه جزيرة القرم، وأرسل مساعدات الى الانفصاليين في شرقها وغالبيتهم من أصل روسي. وأميركا لم تفعل شيئاً حيال ذلك. طلبت منها الحكومة الشرعية لأوكروانيا السلاح للقتال فلم تعطها إياه. طلبت منها تدخلاً عسكرياً فرفضت. لا يهمها هذا الموضوع”. سألتُ: ماذا تفعل أميركا إذا تدخل بوتين في أوروبا أو إذا اعتدى عسكرياً على دول أوروبا الشرقية ولا سيما التي منها صارت عضواً في حلف شمال الأطلسي؟
أجاب: “الدقّ بـ”الناتو” أي حلف شمال الأطلسي أمر كبير. لن يسكت عليه أحد لا أميركا ولا أوروبا. لذلك قد لا يُقدم عليه بوتين. أقدم في سوريا لأنه لاحظ غياباً وعدم اهتمام أميركيين. أظهر أنه لاعب دولي بل شرق أوسطي – دولي. عنده قاعدة عسكرية بحرية في طرطوس وقاعدة عسكرية جوية في حميميم. عنده على أرض سوريا وحدات برية قتالية وإن بآلاف قليلة. وهو أبقاها وأبقى أيضاً وسائل الدفاع الجوي. وأنجز العملية الأهم والأكبر وهي تثبيت النظام السوري ورئيسه بشار الأسد. لكن التثبيت هو في “سوريا المفيدة” أي الـenelave المنطقة التي يسيطر عليها. لم يضرب بوتين “داعش” كما قال، بل حصّن منطقة الأسد ونظّفها. وأمّن حدود المناطق السورية مع لبنان وتركيا والأردن التي يسيطر عليها “داعش” وتنظيمات إسلامية أخرى. وهذا مستمر. صار بوتين صاحب القرار في سوريا. الأسد يفعل وينفّذ ما يريده الرئيس الروسي”. قلتُ: هذا صحيح الى حد ما. أنت تعرف طبعاً أن الأسد مع نظامه كاد أن ينهار الصيف الأخير، شعرت بذلك إيران وخصوصاً بعد الانهاك الذي أصاب “الجيش السوري النظامي” والتعب الذي ضرب الميليشيات المقاتلة الى جانبه. فاستنجدت ببوتين لأنها لا تستطيع إرسال جيوش جرّارة من وحداتها العسكرية النظامية الى المنطقة لأسباب متنوّعة. لكنها لم تكن “منشرحة” إلى هذا التدخل رغم حاجتها إليه لأنه جعل لها شريكاً في سوريا هو روسيا وكانت الآمرة الناهية وحدها داخلها. صار بوتين شريكاً لها. والأسد صار قادراً على “اللعب على الحبلين” كما يُقال. اذ عندما لا يعجبه عمل روسي ما أو اقتراح يتوجه الى إيران والعكس صحيح. علّق: “صحيح ما تقوله. لكن إيران وروسيا لن تختلفا وتصطدما في سوريا وبسببها. ألا تعتقد ذلك؟”. أجبت: طبعاً أشاركك هذا الاعتقاد لأن لهما مصالح مشتركة. علّق: “أعتقد أن الانسحاب الجزئي لروسيا من سوريا هو إشارة إلى أن بوتين لا يريد متابعة التدخل لإعادة سيطرة الأسد على كامل سوريا. هذا أمر لا يهمه، ولن يفعله. لهذا السبب لم يضرب “داعش” رغم أن الأسد يريد ذلك بقوة”. قلتُ: أوافقك على ذلك. لكن أعتقد أن الأسد في العمق لا يمانع في الموقف الروسي من “داعش” ومن استعادته هو السلطة كاملة الذي ذكرته أنت. لكن لا مصلحة له في إعلان ذلك رسمياً. فهو لا يستطيع أن يتحدّث إلا كرئيس للجمهورية السورية رسمياً رغم عدم سيطرته على 75 في المئة من جغرافيتها. لكن ضمنياً لا يمانع في “سوريا المفيدة”. وقد تكون إيران من هذا الرأي لكن مع تمسكها بتواصل بري أسدي مع العراق وإيران للاستمرار في حماية “حزب الله” ورعايته. بماذا علّق المسؤول المهم السابق المتنوّع الاهتمامات نفسه؟