ترسم الولايات المتحدة الأميركية خطاً واضحاً في طريقة تعاطيها مع الجيش اللبناني يختلف تماماً عن عدم مبالاتها بالوضع السياسي العام في لبنان والمنطقة، وتعطي الأولويّة لدعمه وتسليحه في رسالة واضحة بأنّ بلد الأرز ليس متروكاً لقدره.
تستمرّ المساعدات الأميركيّة الى الجيش بالتدفّق بحراً وجوّاً، وتحوّلت الوعود التي أُطلقت سابقاً الى أمر واقع حيث إنّ القرار الذي إتخذته الإدارة الأميركيّة على أعلى المستويات بات واضحاً وعلنياً ولا يحمل أيّ التباس، وقدّ عبّرت عنه السفيرة الجديدة اليزابيت ريتشارد خلال لقاءاتها مع المسؤولين العسكريين والسياسيين، ما يدلّ على أنّ المظلة الدولية مستمرّة، وهذا ما يفسّر جزءاً من الإستقرار الذي ينعم به لبنان وسط عواصف المنطقة والحروب الممتدة من سوريا والعراق وصولاً الى اليمن.
هذا بالنسبة الى المواقف السياسية والديبلوماسية المعلنة، أما في الإجتماعات العسكرية والإستخبارية التي تحصل بين القادة العسكريين اللبنانيين والأميركيين، فإنّ الكلام الأميركي واضح وهو: «لن نسمح للإرهاب بالتسلّل الى لبنان أو إقتطاع أجزاء من أرضه وتحويله سوريا أو عراقاً ثانياً».
وفي معرض الحديث عن تكلفة الحرب مع الإرهابين في جرود عرسال ورأس بعلبك والتي يدفع لبنان فاتورة مالية كبيرة من خلال رصد الإرهابيين ومحاربتهم بالأسلحة والذخيرة، فقد سمعت قيادة الجيش كلاماً حازماً من الأميركيين وهو: «إضربوا الإرهابيين ولا تسألوا عن التكلفة المادية وحجم الذخائر التي تُطلق، فالمساعدات العسكريّة مفتوحة وسنقدّم لكم كلّ ما تحتاجونه في حربكم ضد الإرهاب وسنؤمّن كلّ الأسلحة التي تطلبونها».
وفي سياق إستمرار تدفّق الأسلحة الأميركية الى بيروت، علمت «الجمهورية» أنّ دفعة جديدة من الصواريخ الأميركيّة المتطوّرة ستصل الى الجيش اللبناني قريباً.
وكشف مصدر عسكري رفيع أنّ «نوع هذه الصوايخ يساعد في الحرب على طول السلسلة الشرقية وليس فقط في عرسال ورأس بعلبك والقاع».
وأكّد المصدر لـ«الجمهورية» أنّ «واشنطن تريد من خلال هذه الدفعة النوعية من الصواريخ تأكيد وقوفها الى جانب لبنان فعلاً وليس قولاً، وتريد أيضاً أن تقوّي الجيش وتعزّزه وتعطيه دفعاً إضافياً لأنه يُعتبر من أنجح الجيوش التي واجهت «داعش» وكلّ المجموعات الإرهابية».
وفي حين رفض المصدر الكشف عن نوع الصواريخ، شدّد على أنها ستصل الى لبنان قريباً، وسيتبعها مزيد من الأسلحة المتطوّرة وفقاً للوائح التي طلبها الجيش اللبناني من القيادة العسكرية الأميركية».
من جهة ثانية، أكد المصدر أنّ اللمسات الأخيرة لتسلّم لبنان 6 طائرات حربية من نوع «سوبر توكانو» قد وُضعت ولا تراجع أميركي عن هذا الأمر، خصوصاً أنّ هذه الطائرات ستشكل نقلة نوعية في قدرات الجيش وجهوزيّته في خوض حرب مع الإرهابيين في أيّ منطقة حدودية»، لافتاً الى أنّ هذه الطائرات ستأتي مع معدّاتها وتجهيزاتها الحربية القتالية».
الى ذلك، يؤكد المسؤولون الأميركيون في لقاءاتهم مع اللبنانيين على الفصل بين الملف السياسي والعسكري، إذ يشدّدون على أنّ الجيش اللبناني خطّ احمر، وواشنطن تتعاطى معه على أنه المؤسسة الضامنة لوحدة البلاد وإستقرارها، وبالتالي فإنّ هزّ إستقراره أو إدخاله في متاهات لن يصبّ في مصلحة أحد خصوصاً أمام ما يُحكى عن مخططات «داعشية» تخطت حدود إنتشارها لتتفشى في دول العالم أجمع».
وإنطلاقاً ممّا يحدث، فإنّ واشنطن تتعاطى مع المؤسسة العسكرية على أنها تمثل كلّ لبنان ودورها يتخطّى الحدود ليدخل كشريكٍ إقليمي في مكافحة الإرهاب، وبالتالي فإنّ لبنان جزءٌ لا يتجزّأ من الإستراتيجية الدولية خصوصاً أنه عضو في التحالف الدولي لمحاربة «داعش»، من هنا فإنّ المسؤوليات التي تترتّب على القادة السياسيين تزداد في ظلّ التوتّر والحروب التي تسيطر على المنطقة.
وفي وقتٍ نجح الجيش في ردّ أيّ إعتداء بفعل خططه العسكرية التي تحمي الحدود، وفي حين تؤمّن أميركا والدول الفاعلة المظلّة الحامية للسلم والإستقرار، يبقى على القادة السياسيين تأمين الحماية السياسية الداخلية، وإنتخاب رئيسٍ للجمهورية الذي هو القائد الأعلى للقوات المسلّحة قولاً وفعلاً.
