Site icon IMLebanon

إبادة لبنان بعد غزّة ولكن…

 

نصيحة من مسؤول عربي كبير الى مرجعية لبنانية : “تريدون الخلاص من جهنم؟ ما لكم سوى أميركا”. ولكن هل لنا من أثر في الأجندة الأميركية؟. الأحرى هل من أثر لأي عربي في الأجندة الأميركية؟

 

هذه هي اللحظة الدرامية الآن. الأرمادا الأميركية، بما فيها الأرمادا النووية، في خدمة الهيكل، لنستعيد سؤالنا الأبدي من تراها تقود الأخرى، أميركا أم اسرائيل ؟ المثير أن يقول لنا ديبلوماسي مصري عتيق ” حاملة الطائرات في المتوسط في مهمة ديبلوماسية لا في مهمة عسكرية”. هكذا قال له هنري كيسنجر، بنظرية الحقيبة والدبابة!

 

من سنوات كتب ادوار سعيد “العلاقة بين واشنطن وتل أببب أكثر من أن تكون استراتيجية، وأكثر من أن تكون ايديولوجية”. كيف تمكن البيوريتانز (الطهرانيون)، ولدى فرارهم من أنكلترا الى أميركا في النصف الثاني من القرن السابع عشر، من أن يستوطنوا اللاوعي الديني، واللاوعي الفلسفي، الأميركي؟

 

ألم يقل الملياردير النيويوركي شلدون ادلسون “كأميركيين ننتظر ظهور الماشيح في أرض الميعاد”، دون أن ندري لماذا يرى الحاخامات في سائر الأديان أن المخلص سيأتي ليمشي فوق الجماجم. من غير جماجم العرب جاهزة لتلك الساعة؟

 

دعونا ننظر الى الأمور بشيء من الواقعية، ونسأل: هل الأميركيون وحدهم في خدمة اسرائيل ؟ العرب أيضاً في خدمتها، وفي هذا الوقت بالذات. متى رأينا بندقية يرفعها حاكم عربي في وجه بنيامين نتنياهو ؟ استطراداً، كل العالم مع اسرائيل. حتى ألمانيا تبعث بمسيّرتين من طراز “هيرون تي بي” للمشاركة في الحرب ضد الفلسطينيين، بعدما استغرب أولاف شولتس كيف أن محمود عباس لم يظهر بثياب الميدان جنباً الى جنب مع يوءاف غالانت…

 

ليس هذا بالوقت الملائم لنسأل قادة “حماس” أين هو العرّاب التركي، بعدما علمنا أن من أعدوا للعملية وضعوا طربوش حسن البنّا (مؤسس “الاخوان المسلمين”) جانباً لينطقوا باسم ذلك التراب الذي عانى، ويعاني، الأهوال، من الأقدام الهمجية.

 

حين يقول نتنياهو، وكل ساسة “اسرائيل”، بابادة كل فرد من “حماس” ( وهم يخططون لابادة كل الفلسطينيين أو ترحيلهم)، كيف لهم ألّا يفكروا ـ ويخططوا ـ لابادة كل فرد من “حزب الله”، بل كل فرد في لبنان يرفض أن ترفرف نجمة داود على كتفيه ؟ لبنان بعد غزة، ولكن هل يدرون ما ينتظرهم في غزة، وما ينتظرهم في لبنان. من هنا ديبلوماسية الظل التي تقوم بها أميركا، بعيداً عن الضجيج العسكري، للحيلولة دون وقوع الزلزال.

 

ألم تستغرب مقالات في “هاآرتس” كلام زعيم الليكود حول تغيير الشرق الأوسط، ما عجز عنه رؤساء أميركا منذ جورج دبليو بوش وحتى الساعة…

 

من يقرأ ما وراء الوجوه، وما وراء السطور، يدرك أن الولايات المتحدة خائفة على اسرائيل، خوفها من أي انفجار يمكن أن يغيّير الكثير في الخارطة الاستراتيجية للشرق الأوسط، وان كان هناك من يرى أن ارسال تلك القوة الهائلة الى المنطقة لا بد أن يثير الهلع لدى أي جهة تناصب أميركا (أو اسرائيل) العداء.

 

ولكن، دون العودة الى ما تقوله تعليقات أميركية حول الجدوى العسكرية لتلك الخطوة، ماذا يمكن أن تؤثر، ميدانياً، حاملة الطائرات، اضافة الى الغواصات النووية، على “حزب الله” ؟ لا شيء على الاطلاق. لفتتنا كثيراً هذه الصورة التي خرج بها مدوّن أميركي يدعى ادوارد كلارك “لنتخيل منظر رجلين في غرفة واحدة، أحدهما يحمل قنبلة نووية، والآخر يحمل سكيناً. لمن الغلبة هنا؟”.

 

كان المفكر والاستاذ الأميركي (اليهودي) ليو شتراوس يرى أن العرب “لا يصلحون حتى أن يكونوا وقوداً في جهنم”، ليضيف تلميذه وليم كريستول “الله يقف حيثما تقف أميركا”. مثل هؤلاء يتولون صناعة الهيستيريا لدى ذلك الصنف من اليهود، ما يحمل المؤرخ شلومو صاند على القول “هؤلاء هم من يدفعون الاسرائيليين الى الانتحار”، ليسأل “ما اذا كنتم ورثة موسى أم ورثة نيتشه” في التبني اللاهوتي لثقافة القوة.

 

صاند، صاحب كتاب “من اخترع الشعب اليهودي؟”، يرى في حكام اسرائيل ظلالاً لأولئك الحاخامات الذين قالوا ان الشيطان خادم لدى يهوه. كاد يقول، والبرابرة يدمرون غزة،… الى أين يقود الخادم سيده؟”.