مقاتلو حزب الله يستعدون لمنازلة «داعش» و«النصرة» على تخوم الحدود شرقاً وشمالاً؟
لا تكفي التطمينات الاميركية والأوروبية وحتى الروسية، فضلاً عن العربية والاقليمية من ان خطة ضرب الوحدة السياسية والامنية للدولة اللبنانية يبتعد اكثر فأكثر عن لبنان، وبالتالي لا حاجة لتوقع مصير مشابه لمصير التطورات الدراماتيكية في كل من العراق وسوريا.. لا تكفي هذه التطمينات لادخال الطمأنينة للقلوب اللبنانية الواجفة من ان يتسبب الفراغ في سدة الرئاسة الاولى، فضلاً عن التلويح بفراغ في السلطة الاشتراعية بين راغب بالتمديد للمجلس النيابي، بذريعة الظروف الاستثنائية ومطالب بإجراء الانتخابات بذريعة تداول السلطة، وان الوكالة المعطاة من الشعب للنواب، لا تجيز لهم، بأي حال من الاحوال تجديد هذه الوكالة لانفسهم، وبين باحث عن اثمان باهظة للتمديد الذي يتمناه، ويبحث عنه في الليل والنهار، نظراً لأن المصالح والثمرات الناجمة عنه تعد ولا تحصى، على مستوى السلطة والجاه والمال وسوى ذلك..
من الخطأ الاعتقاد ان الشغور في الرئاسة الاولى، غائب عن الاهتمامات الدولية والعربية الجارية، لكن حرب الائتلاف الاميركي – الاوروبي -الانكلوسكسوني – العربي، التركي ضد ما يسمى بـ«داعش»، التنظيم او «الدولة الاسلامية في سوريا والعراق» ادخلت الى الوضع المعقد في الشرق الاوسط ازمة جديدة من التعقيدات لم تكن تخطر على بال، لا دول المحور العربي، المشاركة في الحرب ضد داعش، ولا دول المحور الاقليمي الرافضة او المتحفظة او المنتظرة للنتائج والعواقب (اسرائيل مثلاً).
في الحرب، عادة تتراجع الاهتمامات غير الرئيسية الى اسفل الدرك، إلا ان هذه القاعدة لا تنطبق على لبنان، فهو في قلب الاهتمامات، بما في ذلك الميدانية، ومن جبهتين، وكلاهما يتعلق بالتداعيات السورية:
1- الجبهة الاولى: جبهة الاشتباك الذي اصبح الجيش اللبناني طرفاً مباشراً فيه، بعد انهيار الوضع الامني في عرسال في 2 آب الماضي، وخطف عدد من الجنود ورجال الدرك، على يد جماعات مسلحة كانت تنتقل بين عرسال وجرود عرسال وصولاً الى جبال القلمون، والمناطق التي قيل ان الجيش السوري استعادها بالتنسيق مع حزب الله.
وترتب على هذه الاشتباكات تكوّن ملف واسع يبدأ بتسليح الجيش اللبناني ولا ينتهي بتحرير الاسرى العسكريين المخطوفين لدى تنظيمي «داعش» و«النصرة» المتطرفين الارهابيين.
لن ينخرط لبنان، رسمياً في جبهة الحرب التي يقودها الائتلاف الدولي – العربي – الاقليمي ضد «داعش» والتنظيمات المسلحة المماثلة، لها بيد انه عملياً في قلب المعارك، اذا لم نقل اكثر، فقوات التحالف، بعد انضمام فرنسا وبريطانيا (قبل يومين) تقاتل بالحديد والنار عبر الجو والبحر بالغارات من اعتى الطائرات الحربية الاميركية، والبريطانية، وكذلك في البحر عبر قاذفات القذائف، البعيدة المدى وصاحبة القوى التدميرية الخارقة، بينما يقاتل الجيش اللبناني بضباطه وجنوده على ارضه في الميدان وباللحم الحي، بعدما تعذرت الذخائر والمدافع والطائرات..
وبصرف النظر عن التنظير المعياري، ومن على ضفتي 8 و14 آذار، فإن مستلزمات المعركة على الارض، تستدعي تنسيقاً من اي نوع، ووفقاً للحاجة، مع كل من الجيش السوري وقوات التحالف، ليس من زاوية «مكره اخاك لا بطل»، بل من زاوية ان الجيش الوطني في لبنان، لا ينظر للجيش العربي السوري سواء أكان النظامي (نسبة الى نظام الرئيس بشار الاسد) او «الحر» (نسبة الى المعارضة السورية المسلحة والتي يطيب للغرب ان يسميها «بالمعتدلة»!) على انه عدو، بمعزل عن قرار السلطة السياسية، التي من المؤكد ان القيادة العسكرية تخضع لقرارها على المستوى الاستراتيجي، وكذلك الحال مع قوات التحالف، التي تعمد اكبرها الولايات المتحدة الى تسليح الجيش وتعزيزه بالاسلحة والذخائر والآليات والمناظير، فضلاً عن المعلومات الاستخباراتية في الحرب ضد الارهاب، التي تتسم ببعد استخباراتي، لا يخفي امره لا على المتابعين ولا على المطلعين..
2- والجبهة الثانية هي جبهة التعامل المالي والسياسي، والدبلوماسي مع موضوع النازحين السوريين او اللاجئين السوريين، الذين يتزايد عددهم، بصرف النظر عن النزوح الجديد، عبر التناسل، او لمّ الشمل، او وسائل اخرى، تتصل بالعمل، والمسألة هنا، لا تتصل فقط بتوفير المساعدة الضرورية في التعليم والطبابة والمياه والكهرباء، والايواء، لا سيما مع قدوم شهر الشتاء، المتوقع ان يكون قاسياً هذا العام، بل الخشية من تحوُّل بعض معسكرات او مخيمات هؤلاء النازحين، الى بؤر توتر عبر اندساس «مجموعات ارهابية» او تنتظم في «جماعات مسلحة» هي في حالة حرب مع الدولة اللبنانية.
شكلت الاعتقالات الاخيرة التي نفذتها عناصر من القوى الامنية اللبنانية (جيش وفرع المعلومات واجهزة اخرى) في صفوف مخيمات النازحين، باكورة اعادة نظر جدية بكامل ملف النزوح وارتباطاته الداخلية والاقليمية، في مرحلة الحرب على داعش، والمصائر الممكنة للدولة السورية التي يستبعد كثيرون من المراقبين ان تعود مرة جديدة الى سابق عهدها في وحدة مترامية الاطراف في ظل النظام الحاكم الحالي، او اي نظام آخر، اسلامي، توتاليتاري، او ديمقراطي من النمط الغربي، الذي يدعم المعارضة السورية المعتدلة؟!
في حالة الترقب هذه، يبرز السؤال ماذا عن دور حزب الله وهل ثمة انسحاب من سوريا او انغماس اكثر في المعارك؟
المعلومات تشير الى مرحلة من اعادة التقييم تجري الآن في ضوء الغارات الجوية المعادية «لداعش» و«النظام» على حدّ سواء في سوريا.. اما مسألة الانسحاب فالمسألة تخضع لحسابات، تتعدى انجاز ما يتعلق بالاهداف المعلنة للحزب الى طبيعة المواجهة الجارية، وموقف ايران منها، بالاضافة الى حسابات الاتحاد الروسي والتقاء المصالح او ابتعادها عن المحور الاميركي – البريطاني – الغربي.
وفي مطلق الاحوال، فإن مقاتلين من الحزب ينتظرون الاوامر، مع حلول الشتاء او قبله لمنازلة «النصرة» و«داعش» وهذه المرة ربما عند الحدود المحاذية للقلمون، من الجانب اللبناني، اذا ما اشتدت الغارات على دير الزور والرقة وصولاً الى حماة وحلب وريف دمشق ايضاً؟!