Site icon IMLebanon

From USA With Love

 

 

التطمينات الأميركية للبنان التي تلقاها الشيخ سامي الجميل في خلال وجوده في الولايات المتحدة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة يتلقاها مسؤول أو قيادي لبناني من موقع او مسؤول أو مرجعية أميركية صغيرة أو متوسطة أو رفيعة المقام، ولو اخذنا تلك التطمينات بالتفاؤل، أو لو تحقق بعض منها، لكان لبنان في أحلى حالاته وأسعد ايامه. والواقع ان المكيال الأميركي لا حدود له في ميزان الوعود المعسولة التي يصح فيها «بالوعد يا كمّون».

 

بداية ماذا سمع رئيس حزب الكتائب اللبنانية؟ في التفاصيل ان الشيخ سامياً قصد مقر وزارة الخارجية، بناء على سابق موعد مع مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى السيدة باربارا ليف التي استقبلته بالترحاب، وبدوا في الصورة التي جمعتهما على أحسن ما يُرام من الانسجام وقد ارتسمت ابتسامة عريضة على الشفاه وأمائر الفرح على المحيّا. وفي المعلومات التي عُمِّمت ان السيدة ليف أكدت لفتى الكتائب ان الولايات المتحدة الأميركية «تسعى بكل قوتها لتجنيب لبنان نيران المنطقة».

 

وأود ان اعترف، هنا، بأن الخوف انتابني اذ قرأت هذه التطمينات، لأنني انتمي الى الجيل الذي حرقه حليب التطمينات الأميركية فبات يخشى لبَنها.

 

واود ان أشحذ ذاكرة الشيخ سامي بمناسبتين مماثلتين، ولكن على المستوى الأميركي الأرفع ولكلتيهما علاقة مباشرة بأسرة الجميّل التي أكنّ لها كل التقدير، وربطتني بقياداتها صداقات عريقة.

 

المناسبة الأولى كانت مع الشيخ امين، رئيس الجمهورية والكتائب الاسبق، الذي زار واشنطن رسمياً فاستقبله الرئيس الأميركي، في حينه، رونالد ريغان الذي قدم له من الدعم والتطمينات ما شدّ عزيمته (والأمين صاحب بأس وعزيمة يُشهَد له بهما) ودفع به لأن يقف امام منصّة البيت الأبيض ويدلي بأقوال عالية السقف ويهدد بان أي قذيفة سورية على لبنان سترتد على دمشق ذاتها. والبقية معروفة بتفاصيلها ونتائجها المروّعة، على لبنان والمسيحيين فيه(…).

 

والمناسبة الثانية يوم اختار الرئيس أمين الجميل ان يكلّف المغفور له الزعيم صائب بك سلام موفداً شخصيا له الى واشنطن حيث استقبله الرئيس ريغان في البيت الأبيض (في العام 1983) مطوّلاً وقدّم له وعوداً بشأن أمن لبنان واستقراره الخ… وأذكر ان صائب بك اتصل بي فور عودته وأبلغ اليّ انه قرّر ان يدلي بمعلومات عن الزيارة الى مجلّة «الاسبوع العربي» الشهيرة جدا، وكنتُ أرأس تحريرها. وبالفعل عقدنا الحوار وروى لنا عن الوعود والتطمينات التي قدمها له ريغان ناسباً الى رئيس أميركا التزامه بكل كلمة قالها، وأضاف سلام بلهجته البيروتية المحبّبة «لأنّو ريغان ما عندو انارييه» (اقتباساً لفظيّاً من كلمَتَي  En Arriere الفرنسيَّتَين ومعناهما «الى الوراء»، اي ان ريغان لن يتراجع).

 

وفي الأشهر التي تلت تلك الزيارة شهد لبنان أبشع فصول الحرب في بيروت والجبل سواهما.