أبرزت التطورات الأخيرة بالنسبة الى ردود الفعل الدولية على الوضع في ايران، أن هناك فارقاً واضحاً بين الموقفين الاميركي والاوروبي حول التظاهرات ومستقبل النظام، وفقاً لمصادر ديبلوماسية.
الاوروبيون ينتقدون انتهاكات حقوق الانسان في ايران، لكنهم داعمون للاتفاق النووي، لا سيما وانهم بدأوا علاقات تجارية واستثمارية مع ايران، وبالتالي لا مصلحة لديهم بمعارضة داخلية في ايران، كما انهم يدعون الى رفض عدم الاستقرار في ايران، ويهم الاوروبيين انعدام وجود عدم استقرار جديد في المنطقة، فالممثلة العليا للسياسة الخارجية والامن في الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغريني تحرص على الاتفاق النووي وانها تعتبر نفسها انها ساهمت به مساهمة جدية، وانها هي راعية ايران في اوروبا.
الولايات المتحدة الاميركية كانت قبل موقف ترامب الاخير بضرورة اعادة النظر بالاتفاق امام احتمال الانسحاب من الاتفاق النووي، ثم رمت الكرة في ملعب الكونغرس، بعدما وجدت ان هناك اعتراضاً دولياً على الامر، لان الاتفاق ليس اتفاقاً اميركياً – ايرانياً، بل اتفاق بين الدول الكبرى الست مع ايران، والعقوبات الاميركية الثنائية على ايران لا تزال موجودة وكل ما حصل هو اعفاءات حول الاتفاق، وآخر مرة لم يوقعها الرئيس دونالد ترامب. هذا يعني ان العقوبات سارية مجدداً، وتحرك الكونغرس ووضع عقوبات، يعني وجود اغلبية داخله داعمه لاي اجراء ضد ايران. ولو لم يتحرك لكان رأى الرئيس ان لا دعم متوافراً من الكونغرس، ويكون قد انجز نصف خطوة، اي لم ينسحب من الاتفاق، وفي الوقت نفسه ابقى على العقوبات.لكن مجرد عدم التوقيع على الاعفاءات يعني ضغطاً على ايران، من دون ان يمكن لايران ان تستفيد من خطوة كبيرة كالانسحاب من الاتفاق مثلاً. اذ في حالة الانسحاب تستفيد ايران دولياً وتظهر على انها هي التي تتمسك بالاتفاق وليس الولايات المتحدة، التي تكون قد خالفت القانون الدولي وقرار صادر عن مجلس الامن.
وعدم الانسحاب الاميركي من الاتفاق، لا يعني ان واشنطن لن تضغط في امور اخرى على ايران، اي ان الاهم انها ستضغط في موضوع دورها في المنطقة.
لذلك اعربت واشنطن عن دعمها للتحرك الشعبي في ايران وعن دعمها «للتغيير»، على اساس ان تعاظم التظاهرات ضد النظام وسلوكه، سيؤدي الى اضعاف دور ايران في المنطقة، ولولا الفيتو الروسي، لكان اصدر مجلس الامن قراراً حول وضع ايران، بناء على طلب واشنطن.
قرار واشنطن تعليق التوقيع على الاعفاءات يؤثر اقتصادياً على ايران. لان الغرب كله يتأثر بالموقف الاميركي، واي عدم تشجيع للشركات الاميركية بالمجيء الى ايران سينسحب على الشركات الغربية كلها. تماماً كما هو التعامل الاميركي مع العقوبات على ايران وعلى «حزب الله»، واي شركة او اشخاص غير اميركيين يخرقونه ستتم معاقبتهم اميركياً، ومنعهم من الدخول في النظام المالي العالمي. وبالتالي، لن تخاطر اي شركة في الاستثمار في ايران. والجو السياسي السائد بين واشنطن وطهران ينعكس حتماً على ظروف تطبيق الاتفاق النووي والاعفاءات من العقوبات التي يشملها.
وتفيد المصادر، بأنه ليس خطأ ان تكون واشنطن في انتظار التحولات في المنطقة التي ستتأثر بما يحصل في ايران، والمعطيات التي ستعقبه في المنطقة.
اذاً الاوروبيون تهمهم المصالح الاقتصادية، والاتفاق النووي. ويهمهم في ملفات المنطقة ما يهم الولايات المتحدة، وهم يوافقونها الرأي حول ضرورة الحد من نفوذ ايران ودورها او ضرورة ادائها الايجابي في ملفاتها، لكن الاوروبيين ليسوا مع مقاربة قوية وقاسية في التعامل مع ايران، انما يؤيدون وسيلة الحوار لحل كل المشكلات العالقة معها.
فضلاً عن ذلك، ان الاولوية الاوروبية هي عدم امتلاك ايران القنبلة النووية، وهذا ضمنوه عبر الاتفاق النووي على الاقل لمدة عشر سنوات.
الزيارة الاخيرة لوزير الخارجية الايراني الى بروكسل، والزيارات التي سبقتها، ركزت على ضرورة كسر عزلة ايران وتحسين تنفيذ الاتفاق لتطوير الاقتصاد عبر زيادة الاستثمارات الاوروبية.
والدعم الاميركي غير الكلامي للتظاهرات الايرانية غير واضح بعد. واشنطن على ايام الرئيس السابق باراك اوباما شككت بشرعية رأس النظام السوري، لكن لم تتم مساعدة المعارضة على الارض بالشكل المطلوب.