IMLebanon

ديبلوماسي أميركي: جيشنا و«الحلف الدولي» ليسا للإيجار

يرصد زوّار واشنطن ردّات الفعل الأميركية على الدعوات التي أُطلقت للتدخل في المنطقة منذ أن وضعت «داعش» يدَها على الموصل ومحيطها، من أجل لَجمها ووقف مجازرها بحقّ المسيحيّين والأيزيديّين قبل التوسع في سوريا. فقرأوا ردوداً أميركيّة باردة قادَت الى إستغراب الإسراع في تشكيل الحلف الدولي وبدء عملياته. فما الذي يقوله الأميركيون؟

تلمَّس زوّار واشنطن في الأيام القليلة الماضية تحوّلاً طفيفاً في المواقف الأميركية بمجرّد خروج الرئيس باراك أوباما عن ثوابت سياسته الخارجية السابقة التي تعهَّد بها في بداية ولايته الثانية بقيادة العمليات العسكرية في العالم من الخلف، وعدم توريط الأميركيّين في أيّ عمليات عسكرية على الأرض في أيّ منطقة من العالم.

كان زوّار واشنطن يتحسَّسون البرودة الأميركية تجاهَ كلّ ما تشهده المنطقة، خصوصاً بعدما جمَّدت الإدارة الأميركيّة مشاريع الضربة على سوريا فورَ اكتشاف برنامجها من الأسلحة الكيماوية، وبدء استخدامها في الغوطة الغربية ليل 21 – 22 آب والتي كانت على وشك أن تَقع في تلك الفترة، الى أن انطلقت ورشة تشكيل الحلف الدولي على أساس أنّ مخاطر ما فعلته «داعش» قد تجاوزت حدود منطقة الشرق العربي وباتت أفعالها تُهدّد الأمن والسلم الدوليّين.

لكن، وعلى رغم هذه القراءة الأميركية التي شارَكتها فيها دول أوروبية وعربية وغربية أخرى، لم تَصل بعد الى حدود أن يخرج الأميركيون عن سقف محدَّد للضربات الأميركية والدولية المعتمَدة الى اليوم في سوريا والعراق وفق معادلة بسيطة شرَحها أحد المسؤولين الأميركيين لزوّاره، فلفت الى عناوين المرحلة الجديدة:

أولاً: بداية لا يتردَّد المسؤول الأميركي في القول وبصوتٍ عالٍ رداً على صيحات الغضب العربية التي انطلقت من اكثر من منطقة عراقية وسورية ولبنانية بما فيها القيادات الروحية المسيحية التي تحرَّكت في بيروت وكردستان وصولاً الى واشنطن، إنّ الشعب الأميركي هو مَن انتخب أوباما، وليست شعوب هذه المنطقة هي التي أبقَته في البيت الأبيض، وإنّ أولوياته مغايرة لتلك التي يراها سكان المنطقة العربية وقادة بلدانهم الذين أخطأوا وأجرموا عندما جنَحوا الى خيارات طائفية ومذهبية قادَت الى ما قادت اليه التطوّرات الأخيرة في سوريا والعراق في المرحلة الأولى، وبالعكس في الثانية منها.

ثانياً: إنّ الإدارة الأميركية هي التي تقوّم الوضع وحجم خطورته، ولذلك فقد رسم أوباما خريطة طريق واضحة للتعاطي مع الأزمة. فقد ظهَر واضحاً أنّه هو مَن تولّى تهيئة الرأي العام الأميركي للتوجّهات الجديدة، فحدَّدها بخطوتين: الأولى السعي الى تطبيق القرار 2170 الذي قضى بوقف انتشار «داعش» ومحاصرتها وتجفيف مواردها المالية والعسكرية ومصادر قوّتها المختلفة. وهو ما ترجمه وزير خارجيته جون كيري في تكوين الحلف الدولي في وقت قياسي. والثانية: تقضي بالسعي الى احتوائها تمهيداً للقضاء عليها.

وللمرحلتين، وفق المسؤول الأميركي، منهجيّتهما ومقتضياتهما وآلياتهما الديبلوماسية والعسكرية والمالية. وانطلاقاً من تحديد هاتَين المرحلتين، يبقى على أبناء المنطقة خصوصاً السوريين منهم واللبنانيين، أن ينتظروا الإعلان الأميركي عن انتهاء المرحلة الأولى على الأراضي العراقية والسورية على رغم الفوارق بين التجربتين. ففي العراق وكردستان، جيش وبشمركة وميليشيات تملأ الفراغ. أما في سوريا، فالوضع مختلف ولا يجوز حرق المراحل.

وفي سوريا أيضاً، مَن يستعجل قراءة النتائج من اليوم. فيعتبر بعضهم أنّ ضربات التحالف على سوريا ستصبّ في مصلحة النظام على رغم إصرار الحلف على عدم إعطائه هذه الفرصة. ويقول البعض الآخر إنّ المرحلة الثانية مؤجلة ولن تبدأ قبل تجهيز القوى السورية المعتدلة – البديلة، التي تُحضّر في أكثر من منطقة من العالم للقيام بالمهمات العسكرية على الأرض في ظلّ اقتناع دولي يقول إنّ مفاعيل الضربات الجوية للحلف أياً كانت نتائجها، لن تعوّض عن وجود قوة برية لملء الفراغ الذي سينتج عند بدء القضاء على «داعش» وأخواتها وتقليص انتشارها الميداني.

وعلى هذه الأسس، سمع زوّار واشنطن كلاماً واضحاً مفاده أنّ العملية التي تقودها اميركا ستبقى في إطار ما توفّره من خدمات لها وللحلف الدولي، وهم مَن سيُحدّدون النتائج ويرسمون مراحلها، وصولاً الى قول المسؤول الأميركي إن «لا الجيش الأميركي ولا قوات التحالف قوات قابلة للإيجار»، لمصلحة هذا الطرف او ذاك، وستعمل لتحقيق أهدافها التي لن تلتقي مع النظام السوري ومصلحته، ولذلك سينتظر الجميع تهيئة القوى المعتدلة التي ستملأ الفراغ على الأرض. ولذلك، سيطول انتظار المرحلة الثانية وستستمرّ عمليات الحلف الدولي حتّى تلك الساعة، وما علينا سوى الإنتظار.