Site icon IMLebanon

واشنطن تعرض على طهران مقايضة تُعاقب نتنياهو بديلاً من الحرب

 

ملامح صفقة قد تقبل بها إيران مع تشكيكها في قدرة الولايات المتحدة على الإيفاء

 

 

مرّ أسبوعان إلا قليلا على الاغتيالين الكبيرين في الضاحية الجنوبية لبيروت ومن ثمّ في طهران، من دون أن تتبيّن بعد طبيعة الردّ من جانب إيران وحزب الله والحوثيين. وثمة انطباع بأن أحد الأوجه الرئيسة لتأنّي طهران على وجه التحديد يعود إلى خطوط التواصل غير المباشر مع واشنطن عبر مسقط. وكان لافتا في هذا الإطار تسارع الاتصالات والتدخلات الدولية والعربية من أجل ضبط التصعيد إقليميا، والعودة إلى قواعد الاشتباك والخطوط الحمر المرسومة، وخصوصا بين إسرائيل والحزب.

ساعدت ديبلوماسية الخطوط المفتوحة في تجنيب المنطقة حربا شاملة، أقلّه حتى الآن، وقد تفتح الباب واسعا أمام تسويات كبرى، بصرف النظر إذا ما استوجب حجم الاغتيالين ردا يبقى ضمن القواعد التي تمنع تمدُّد الحرب، ويفتح بعدها الباب للتسوية المأمولة.

وبدت معبّرة دعوة كلّ من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، والرئيس الأميركي جو بايدن، إسرائيل وحركة «حماس» إلى استئناف المفاوضات حول اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، يوم 15 آب في الدوحة أو القاهرة، فيما بات جاهزا الاتفاق-الإطار بنصّه، في انتظار الاتفاق على تنفيذه.

كما بدا معبِّراً تسريب قريبين من الحرس الثوري الإيراني خبر زيارة وفد أميركي، بواسطة عُمانية، نقل من الإدارة الرئاسية في واشنطن رسالة تهدئة وتحذير إلى القادة الإيرانيين لتفادي حرب كبرى يخطط لها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين  نتنياهو، إلى جانب تقديمه قائمة عملاء للموساد، وحضّه على تفاهم نووي ثنائي يُغضب تل أبيب.

يتحدث ديبلوماسيون بثقة عن أن ثمة مسعى أميركيا جديا لاقناع إيران باستيعاب الاختراق الإسرائيلي، سواء في طهران أو في الضاحية الجنوبية، لقاء صفقة أو مقايضة سياسية تُعدّ بمثابة عقاب مباشر لنتنياهو، وتستفيد منها طهران وواشنطن على حد سواء، وتشمل فيما تشمل اتفاقا نوويا قبل الثلاثاء الكبير في ٥ تشرين الثاني المقبل، يريح إيران داخلا ويلاقي برنامج الرئاسي الإصلاحي المنتخب مسعود بزشكيان، ويعطي في المقابل دفعا للحملة الرئاسية للحزب الديموقراطي.

يهدف الضغط الأميركي- الدولي، إما إلى صرف المحور النظر عن الردّ في الحد الأقصى، وإما في الحد الأدنى إلى ردّ محدود بما لا يؤدي إلى اندلاع حرب إقليمية واسعة.

الواضح أن واشنطن تقود الجهد التهدوي الأبرز. وهي تقصّدت ضخّ جرعة نسبية من التفاؤل في مسعاها التفاوضي من أجل إرساء التسوية. إذ قال وزير الخارجية أنتوني بلينكن إن «محادثات صفقة التبادل وصلت الى مرحلة نهائية وحرجة ويتعيّن على الطرفين التوصل إلى توافقات في أقرب وقت ممكن»، فيما أعلن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي «وجود اقتراح جيد معروض على تل أبيب وحماس يجب قبوله».

والواضح أيضا أن ثمة فرصة لنجاح التفاوض الحاصل، بحيث تدفع تل أبيب الثمن وقفا للحرب في غزة، حتى لو لم يتحقق لها الهدف الأبرز وهو القضاء نهائيا على المستوى القيادي في حركة حماس وتفكيك بنيتها العسكرية، بحيث يغيب أي أثر أو تأثير للحركة في إدارة قطاع غزة في اليوم التالي لانتهاء الحرب.

ينطوي الضغط الأميركي على رغبة الإدارة الديموقراطية في تحقيق اختراق كبير يؤدي إلى وقف الحرب في غزة، مع ما يستتبعه من وقف المعارك بين تل أبيب وحزب الله عند الحدود اللبنانية – الإسرائيلية، مما يعينها في الانتخابات الرئاسية التي باتت تشكل مفصلا رئيسا في توجهات المنطقة.

لا تزال واشنطن تعوّل على حوارها مع طهران عبر القناة العُمانية، فيما كان لافتا أن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في حديثه الهاتفي مع نظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون، حدّد لواشنطن ودول الغرب سبل تجنب اندلاع الحرب، داعيا الى «إجبار إسرائيل على وقف الإبادة الجماعية وقبول وقف النار». وفي هذه الدعوة ملامح صفقة تبحث عنها طهران في عزّ تحوّلها من الرئاسة المحافظة إلى الرئاسة الإصلاحية.

يُنتظر الجواب الإيراني على العرض الأميركي السخي. لكن طهران تترقّب أيضا مدى قدرة واشنطن على فرض وقف إطلاق النار على نتنياهو الذي بات واضحا أنه يستمر على قيد الحياة السياسية حصرا بفضل نار الأزمات، سواء تلك التي يشعلها أو تلك التي يحرص على تغذيتها. كما تشكك طهران في مدى قدرة واشنطن على تحصين أي اتفاق نووي لا يزال متاحا قبل كانون الثاني 2025، هذا في حال خسر الديموقراطيون الرئاسة، وذلك منعا لتكرار ما فعله الرئيس السابق دونالد ترامب في خطة العمل الشاملة المشتركة سنة 2015، المعروفة بالاتفاق النووي الإيراني.