خِلافاً لِما يمكن استنتاجه من التصريحات الإسرائيلية التي تَكثّفَت خلال الأيام القليلة الماضية، والتي تشير إلى حصول تقدّم كبير في المفاوضات بين إيران والمجموعة الدولية يوحي باقتراب إنتاج اتّفاق على الخطوط العريضة مع اقتراب الموعد المفصلي للمفاوضات نهاية آذار المقبل، عكسَت التصريحات الأميركية التي صدرَت بالتزامن مع انعقاد الجولة الجديدة من المفاوضات في جنيف وجودَ عراقيل عديدة وإمكانيةَ توقّف هذه المفاوضات، بحسب الكلام الحَرفي للرئيس الأميركي باراك أوباما.
فالمفاوضات التي تستمر منذ يوم الجمعة الماضي على مستوى التقنيين، وبمشاركة مباشرة ولقاءات ثنائية مكثّفة بين وزيرَي الخارجية الاميركية جون كيري والايرانية محمد جواد ظريف أمس الأحد واليوم الاثنين، ما زالت أمامها فجوات كبيرة بحسب تعبير كيري، إذ قال قبل بدء المباحثات أنْ ما زال أمام المفاوضات «طريق طويل وثغرات كبيرة» قبل التوصّل إلى اتفاق.
وأضاف كيري أنّ «الرئيس الأميركي باراك أوباما ليس لديه أيّ نيّة لتمديد هذه المفاوضات إلى ما بعد الفترة التي تمّ تحديدها، وأنا واثق من أنّ الرئيس أوباما مستعِدّ تماماً لوقف هذه المفاوضات» في حال لم تُثبِت إيران جهوزيتها للتوقيع على اتّفاق. وتنتهي المهلة المقرَّة للتوقيع على اتّفاق حول برنامج ايران النووي في 31 آذار المقبل.
ويرى الرئيس الاميركي أنّ تمديد هذه المهلة «لن يكون مفيداً، يجب أن تكون هناك إمكانية للتوصّل إلى اتفاق، ويجب أن يكون بإمكانهم الوصول إلى مرحلة يقولون فيها (نعم)، لكنّنا لا نعلم إنْ كان هذا سيحدث، لأنّ لديهم متشدّدين ولديهم سياساتهم».
لكنّ أوساطاً دبلوماسية متابعة في جنيف وضعت التصريحات الاميركية العالية اللهجة في خانة طمأنةِ الكونغرس الاميركي من جهة والحليف الإسرائيلي من جهة ثانية، ومن المقرر أن يدرس الكونغرس في آذار احتمالَ فرضِ عقوبات جديدة على طهران، كما من المقرر أن يلقيَ رئيس الحكومة الاسرائيلي بنيامين نتنياهو،
الذي استخدم تسريبات اميركية حول مجرى المفاوضات لاتّخاذ موقف متشدّد واصفاً أيّ اتّفاق مع إيران بأنّه اتّفاق سيّئ، كلمةً في الثالث من آذار المقبل أمام الكونغرس الاميركي ذي الغالبية الجمهورية تتناول حصريّاً ملف المفاوضات مع إيران، والهدفُ من ذلك إقناع المشرّعين الأميركيين برفض أيّ اتّفاق تتوصّل إليه إدارة اوباما مع الجمهورية الاسلامية.
وفي تصريحات سابقة له تخوَّفَ نتنياهو من زيادة المساعي الدولية للتوصّل الى اتّفاق نووي «سيّئ وخَطر على إسرائيل»، وأضاف أنّ «الشهر المقبل هو شهر مصيريّ في المحادثات النووية، لأنّه قد يتمّ خلاله التوقيع على اتّفاق إطار يسمح لإيران بتطوير القدرات النووية التي ستشَكّل تهديداً لوجودنا».
وتُعقد هذه الجولة من المفاوضات بحضور أميركي وإيراني رفيع المستوى على صعيد التقنيين والمستشارين، إضافةً لوزراء الخارجية، وفي تصريح له بَعد وصوله إلى جنيف قال ظریف إنّه «لن یتمّ إنجاز أيّ اتّفاق غامض أو ناقص ما لم نتّفق على جمیع القضایا» وأنّ الطریق الوحید للوصول إلى حلّ «هو التفاوض مع إیران على أساس اتّفاق جنیف»،
واعتبر ظریف أنّ مشارکة حسین فریدون شقيق الرئيس الايراني حسن روحاني ومستشاره الخاص ضروریةٌ للتنسیق مع الرئاسة الإیرانیة، وأنّ طهران «اقترحَت مشارکة رئیس منظّمة الطاقة الذرّیة علی أکبر صالحي، والأمیرکیون استجابوا من خلال مشارکة وزیر الطاقة (ارنست مونيز)»، خصوصاً أنّ «المباحثات وصلت إلى مستوى یحتاج لاتّخاذ قرار على مستوى عالٍ».
وبحسَب ما نُشر من تسريبات وتصريحات في الصحافة الاسرائيلية خلال الأيام الماضية، يُستنتَج أنّ المفاوضات قد أحرزَت تقدّماً ملموساً في عدد من الجوانب التقنية للبرنامج الإيراني النووي، ولا سيّما في البند المتعلق بعدد أجهزة الطرد المركزي حيث تمّ الكشف عن أنّ الولايات المتحدة الاميركية وافقَت على احتفاظ إيران بنحو خمسة آلاف جهاز طرد، إضافةً إلى توافق سابق حول تخصيب اليورانيوم بنسبة خمسة بالمئة.