IMLebanon

الفشل الأميركي – الروسي  ما قبل وما بعد

تغيّرت الدنيا في سوريا من دون أن يتغيّر شيء في خطاب النظام والمعارضة. وتنوّعت الأدوار الاقليمية والدولية مباشرة وبالواسطة في حرب سوريا، والمسرحية واحدة: عجن سوريا للتأثير في الصراع الجيوسياسي في الشرق الأوسط وعليه. فلا الجغرافيا والديموغرافيا والعمران والنسيج الاجتماعي الوطني قابلة للعودة الى ما كانت عليه. ولا السوريون المشهورون بالاستقلالية والحساسية العالية ضد أي مسّ بالسيادة هم حالياً أسياد البلد بالمعنى الحقيقي. والحقيقة الأساسية الثابتة التي لم تتغيّر هي ان حرب سوريا تحبط أي مسعى للحلّ كما يقول ماكس فيشر في مقال مستند الى دراسات الخبراء في الحروب الأهلية نشرته النيويورك تايمس. لا بل ان البروفسور في جامعة ستانفورد جيمس فيرون يرى ان العرّابين الخارجيين يخلقون آلية تعمل ذاتياً للمأزق، وهم يحرّكون آلية للسلام.

والسؤال، وسط الاصرار الأميركي والروسي على استمرار التفاوض بالرغم من تكرار الفشل، هو: ما الذي فشّل الرئيسين باراك أوباما وفلاديمير بوتين في الاتفاق عليه، بعد محادثات ماراتونية على مدى أشهر بين وزيري الخارجية جون كيري وسيرغي لافروف وخبراء ديبلوماسيين وعسكريين صار لهم مركز ثابت في جنيف؟ وهل ما يدور البحث فيه هو حلّ الأزمة بين السوريين أم ترتيب مواقع النفوذ والحصص بين اللاعبين الكبار الاقليميين والدوليين واللاعبين المحليين الذين يحمي كلاً منهم لاعب كبير؟

المواضيع المعلنة للمحادثات توحي ان التفاوض بين واشنطن وموسكو حول سوريا يدار من خلال ثلاثة سيناريوهات. الأول هو التركيز على الاطار الأمني – العسكري. والثاني هو الانتقال من الأمن الى التسوية السياسية. والثالث هو البحث في صفقة كبيرة تمتد من سوريا الى أوكرانيا. والظاهر ان الصفقة الكبيرة ليست ممكنة حالياً. فلا أوباما يستطيع أن يمون على الكونغرس والاتحاد الأوروبي ليعطي في أوكرانيا ما يطلبه بوتين بإلحاح من إلغاء للعقوبات وتسليم بضم القرم الى روسيا، لكي يأخذ في سوريا. ولا بوتين يريد أن يلعب كل أوراقه في سوريا مع رئيس أميركي ذاهب، وان كان يبحث عن اتفاق معه يتبنى الموقف الروسي تقريباً. والظاهر أيضاً ان التسوية السياسية لم يأت وقتها بعد.

والباقي للتباحث والمرشح للاتفاق هو الاطار الأمني – العسكري. أولاً لجهة ترتيب هدنة تبدأ في حلب ثم تتوسّع لتشمل كل سوريا، من دون طموح كبير الى إنهاء الحرب التي لم تكتمل وظيفتها. وثانياً لجهة العمل المشترك ضد داعش والنصرة التي صار اسمها فتح الشام. وهنا تجسّد الفشل، بصرف النظر عن كون وظيفة داعش والنصرة انتهت أو لا تزال تخدم أكثر من جهة.