IMLebanon

الأميركي والحمقى!

 

حجب الغبار اللبناني والصراعات اليومية التي يعيش اللبنانيّون على إيقاعها المشهد العام للمنطقة، مضحك الواقع اللبناني الذي يشغل نفسه باختراع مشاكله الداخليّة في وقته الضائع في انتظار إيقاع الضربات المقدّر أن تصيبه بسبب الصراعات الإقليميّة على المنطقة العربيّة التي لا حلّ ولا أفق حل لها!

 

فقط الحمقى هم من يصدّقون الأميركي سواء في وعوده ودعمه وتهديداته، وللأسف هؤلاء الحمقى كثرٌ جداً في منطقتنا، «الكلام الأميركي الكبير» غالباً ما يكون مجرّد جلبة لا تفضي إلى حلول سبق فما الذي حدث على سبيل المثال لا الحصر منذ أعلن وزير الخارجية الأميركي مطلع هذا العام بأنّ واشنطن ستعمل على إخراج الميليشيات الإيرانية من سوريا، وطرد آخر جندي إيراني من سوريا»، لم يحدث شيء أبداً، مجرّد «كلام كبير» لا يقدّم ولا يؤخّر ولا يغيّر ولا يبدّل في واقع المنطقة المشلولة وهي الأحمق لأنها ما تزال تنتظر أن يظهر سوبرمان الأميركي في سمائها ليحمل إيران بيد واحدة ويلقيها ككرة على الأرض فتتحطم في مشهد قد نراه في الرسوم المتحركة، ومن المؤسف أنّ دولاً كثيرة في هذه المنطقة تصدّق أفلام الرسوم المتحركة مثلما تصدّق رامبو الهوليوودي، وجميع الخدع الأميركية التي انطلت على المنطقة حتى الآن!

 

الثرثرة الأميركية غير قابلة للصرف لا في لبنان ولا في المنطقة، لأنّ أميركا تبيع المنطقة العربيّة الكلام فقط وتسلب دول الخليج مئات المليارات بحجّة شراكة الدفاع الاستراتيجي، «دخلكم وين هالدفاع الاستراتيجي» لماذا لم نرَ منه شيئاً؟! من المؤسف أنّه حتى الآن لبنان والمنطقة متروكة لقدر إيراني أعمى يتحكم بها اضطراباً وسيطرة أو على الأقل هزّ الأمن والاستقرار!

 

لا تملك أميركا برنامجاً حقيقيّاً لا لمواجهة إيران ولا حزب الله أيضاً، وبالرغم من كل التهديدات التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب فهو لم يغيّر الأسلوب الأميركي في التعامل مع إيران ـ بصرف النظر عن تمزيقه الاتفاق النووي ـ الاتكال على العقوبات، وللمناسبة العقوبات مفروضة على إيران منذ أربعين عاماً، ومع هذا نمت كنبتة متوحشة وتحوّلت إلى وحش كاسر وأميركا ما زالت تتكل على العقوبات!

 

وبرغم «الهدوء المزعوم» موقتاً في لبنان، فإنّ أميركا وسواها تعرفان أنّ مشكلة لبنان الكبرى ومأزقه الحقيقي هو سلاح حزب الله وإن خفت الحديث عن هذا الأمر لضرورات الستاتيكو القائم، والعالم يغضّ النظر عن فريق يستقوي بالسلاح ويدين بالولاء لدولة أخرى، ويفرض توجهاته على لبنان المختطف مع شعبه إلى محاور لا ناقة له فيها ولا جمل، هذا واقع حقيقي فرض نفسه على لبنان طوال السنوات الماضية وأميركا والعالم يتفرّجان عليه بهدوء شديد، وللمناسبة سيبقى الأمر كذلك!

 

أزمة لبنان الكبرى ليست في وضعه الاقتصادي الرديء ولا في موازنته التقشفيّة ولا في تنفيذ إصلاح حقيقي يطالبه به العالم، يعرف العالم وأميركا معه وأكثر من اللبنانيّين أنّ مأزق لبنان الكبير والحقيقي هو حزب الله الذي يصنّف نفسه أنّه «أمّة حزب الله التي نصرالله طليعتها في إيران»، ويعرف العالم وأميركا معه أنّ مأزق لبنان الحقيقي هو في ترديد حزب الله جملته المفضّلة «لن نترك السلاح» مع وجود ترسانة صواريخ إيرانيّة جاهزة لإلقاء لبنان في جهنّم من أجل الأجندة الإيرانيّة!

 

ميرڤت سيوفي