Site icon IMLebanon

الاهتمام الأميركي بلبنان

 

 

نادراً ما يمرّ موقف أميركي حول الحرب الوحشية على غزة من دون أن يُؤتى فيه على ذكر لبنان، من الاستعراض البحري بالمدمِّرات وحاملَتي الطائرات والغواصة النووية وما يرافق تلك كلها من عناصر الحماية في البشر والقوارب وسائر المتطلبات الخ… الى زيارة «عرّاب الترسيم» آموس هوكشتاين، وذلك كله في إطار من الترهيب والترغيب، ومن النصح «البريء»(!) الى التهديد المباشر. ولم ننسَ، بعد، الإعلان الأميركي عن أن استقدام هذه الأساطيل الأميركية (ناهيك بمثيلاتها الأوروبية) هو من أجل ردع إيران وحزب الله في لبنان، ولا تنتهي هذه المعزوفة النشاز إلّا بالتحذير من أن لبنان سيواجه دماراً غير مسبوق إذا لم يتجنب المشاركة في الحرب.

 

فماذا تريد واشنطن من «حرب الأعصاب» هذه التي تشارك العدو الإسرائيلي في شنّها على لبنان؟ جميع الذين طُرح عليهم السؤال التقوا عند نقطة واحدة وهي أن إسرائيل ووراءها دول الحلف الأطلسي بقيادة الأميركي، ما كانت لتبلغ هذا الحد من التهديد والوعيد لو لم تكتشف الى اي حدٍّ تخوض واشنطن وحلفاؤها حرب إبادة غزة في حلف مكشوف مع الكيان الصهيوني، وما هي منخرطة فيه الى أبعد الحدود. وأكثر من ذلك: كم خاب ظنّ الأميركي وحلفائه بإسرائيل التي دجّجوها بأحدث وأخطر تكنولوجيا الأسلحة، ومع ذلك تكشّفت على حقيقتها البشعة من حيث استخدام آلة التدمير الهائلة من البر والبحر والجوّ… وفي المقابل من حيث عجزها عن المواجهة المباشرة بين الجندي المرتزق فيها وذلك المقاتل الفلسطيني الشرس صاحب القضية التي يرتقي شهيداً في سبيلها. وتكفي قراءة ما تنشره صحف العدو لتبيان وقائع هروب جنود إسرائيليين من المعركة وانتحار بعضهم الآخر، ودخول العيادات النفسية من البعض الثالث.

 

وقد استمع الأميركي، بالتأكيد، الى أقوال وتحليلات وقراءات الخبراء العسكريين الستراتيجيين في الكيان الصهيوني يحذّرون من أنّ الحرب العدوانية على لبنان ستكبّد العدو خسائر رهيبة وهم الذين يقدّرون أن المواجهة مع المقاومة الإسلامية في لبنان ستكون أمام عدو (يقصدون به حزب الله بالطبع) يمتلك قوة ردع توازي عشرة أضعاف ما تمتلكه حركة حماس في غزة.

 

هنا، فقط، يكمن سبب الاهتمام الأميركي بلبنان، وليس صحيحاً أن هذا الاهتمام يُدرَج تحت العنوان الكاذب الآتي: الحرص على وطننا وشعبه. فلو كان هذا الزعم صحيحاً لوجب على واشنطن أن تدفع إسرائيل الى الانسحاب ممّا تغتصب من أراضٍ لبنانية محتلة في الغجر ومزارع شبعا.

 

وأما اهتمام أميركا المستجَد بالاستحقاق الرئاسي، فهو صحيح، ولكن في إطار أهداف الحرب على غزة… وهذا حديث آخر.