الرئيس باراك أوباما يطالب الكونغرس الجمهوري باصدار قرار يخوّل استخدام القوة ضد داعش بعد شهور من استخدامه للقوة. ويتحدث عن نجاح التحالف الدولي في وقف تقدّم داعش في العراق وسوريا. فهو متمسّك باستراتيجية حرب طويلة المدى يصعب أن تقود الى انتصار، ان لم تستمر في التعثّر، بحيث يغادر أوباما البيت الأبيض بعد عامين على طريقة السناتور ايكن المشهورة: أعلنِ النصر وانسحب.
ذلك أن الأولوية في استراتيجية أوباما هي لمحاربة داعش، مع الإصرار على اكتفاء أميركا والتحالف الدولي الذي تقوده بقصف جوّي يكاد يكون نوعاً من حرب عصابات جوية.
والجهد الأساسي في هذه الأولوية يتركز على العراق. أما القصف في سوريا، فانه في خدمة الأهداف في العراق الى جانب مساعدة الأكراد في صدّ هجوم داعش على عين العرب. وأما مراحل الاستراتيجية، فانها تبدأ بوقف تقدّم داعش، ثم تفكيك قوته، قبل الوصول الى القضاء عليه.
وليس ما تقرر في اجتماع لندن لوزراء الخارجية في الدول الأعضاء في العربي والدولي سوى تنويع على موقف اوباما الذي كرره في رسالته الى الكونغرس عن حال الاتحاد: مهمة المعارضين السوريين الذين تعهدت اميركا تدريبهم هي قتال داعش. ومهمة القوات العراقية التي تحتاج الى تدريب يستغرق أكثر من سنة هي العمل مع البشمركة لتحرير الموصل، والعمل مع العشائر لتحرير الانبار التي تحتل داعش معظم مدنها.
واذا كان وزير الخارجية الأميركي جون كيري قد قال بصراحة انه ليس هناك طريق مختصر للقضاء على الارهاب، فان الوقائع تؤكد انه ليس هناك ايضا طريق مختصر للوصول الى حل سياسي. فلا اللقاء التشاوري الذي دعت اليه موسكو مجموعة من المعارضين السوريين للتباحث في ما بينهم قبل اجتماع مع وفد النظام سوى دعوة الى ما يسمى الكلام على الكلام. ولا التأييد الاميركي الفاتر لما تقوم به موسكو سوى رفع عتب مع توقع اللانجاح.
والسؤال هو: ماذا يحدث لسوريا وشعبها اذا استمر القتال ثلاث سنوات أخرى لمجرد التخلص من داعش؟ واذا حدثت معجزة في مسار الحل السياسي، فكيف يمكن تطبيق الحل في جزء واسع من الأرض تحت سيطرة داعش وجبهة النصرة؟ والجواب البسيط ليس فقط تعاظم الدمار، وتزايد النزوح الذي شمل حتى الآن نصف الشعب السوري، واشتداد الضيق الاقتصادي والمالي بل أيضاً التخريب الكامل للنسيج الوطني السوري وصعوبة الحفاظ على وحدة الأرض والشعب في ظل الدولة.
ولا مجال للنجاح في الحرب على الارهاب من دون طريق مختصر الى حل عسكري وحل سياسي. وليس تغييب الحل السياسي سوى أطول الطرق لمحاربة داعش والنصرة.