اعتقد ان النظام الانتخابي الرئاسي للولايات المتحدة الاميركية، لا مثيل له في اي دولة اخرى في العالم، كما اعتقد ان هذا النظام، لا يؤمن صحة التمثيل للشعب الاميركي، واعتقد انه بعد فوز دونالد ترامب بمنصب الرئاسة الاولى في اقوى واغنى دولة في العالم، اصبح من الضروري اعادة النظر بهذا النظام الذي تجاهل حوالى ثلاثة ملايين اميركي انتخبوا هيلاري كلينتون اكثر من الذين انتخبوا ترامب، لان اصوات الناخبين الكبار، وفق هذا النظام الجائر، صبت لمصلحة ترامب في الولايات الكبيرة، بمعنى ان كلينتون حازت على اصوات الاكثرية الشعبية الاميركية، لكن ترامب فاز بالرئاسة باصوات الناخبين الكبار، وهذا عيب في المفهوم الديموقراطي.
هذه المقدمة، لا تعني انني ضد انتخاب ترامب، لان هذا شأن يخص الشعب الاميركي، وعندما تقبل جميع الاحزاب بهذه النتيجة، يجب على غير الاميركيين، احترام ارادة المنظومة الحاكمة، خصوصاً ان هذه الحالة تكررت في اكثر من انتخاب، ولم يرغب الاميركيون بتغيير ما ورثوه عن رؤسائهم السابقين.
مما لا شك فيه، ان شخصية الرئيس الـ45 للولايات المتحدة الاميركية، دونالد ترامب، ليست شخصية عادية، فهذا الرجل مكروه كرهاً شديداً من ملايين الاميركيين وغير الاميركيين، وفي الوقت ذاته يحبه حباً شديداً الملايين داخل اميركا وخارجها، فعند البعض هو الشيطان الاكبر، وعند الاخرين هو منقذ اميركا والعالم، بما يعني ان هذه الشخصية الجدلية، لا يمكن الحكم عليها من خلال الاقوال، بل من خلال الافعال، ولذلك فان رفضه منذ اول ايام ولايته، غير منطقي وغير عادل، كما ان النوم على حرير الوعود بانه سيحمل الى اميركا المنّ والسلوى والامان، يحمل الكثير من قلة الدراية ومن التفاؤل غير المحمود، واغلب الظن ان القوى التي تحكم الولايات المتحدة وتدير شؤونها، سوف تتدخل كما دائماً، لفرض ما تعتقده انه مصلحة اميركا، والتظاهرات التي تشهدها المدن الاميركية في هذه الايام، لن تؤدي الى اسقاط الرئيس ترامب، على ما يؤكد خبير في الشؤون الاميركية.
***
اللبنانيون المنتشرون في الولايات المتحدة الاميركية، مرتاحون لانتخاب ترامب، لانه وعدهم في حملته الانتخابية انه سيكون الى جانب لبنان، ولن يسمح بان يحصل في لبنان ما حصل في عدد من الدول العربية، هذه الوعود بحاجة الى ترجمة على الارض، عسكرياً، بتكثيف وزيادة مساعداته للجيش اللبناني والقوى الامنية، وسياسياً وديبلوماسياً، بتأمين استمرار مظلة الامان والاستقرار التي ابعدت نيران الحروب عنه، وتهديده بانه سوف يقضي على الارهاب التكفيري، يطمئن لبنان الى ان مكافحة الارهاب لن تكون «بالقطارة» كما هي على ايام باراك اوباما، بل ستكون اكثر فاعلية، وهذا الوعد ايضاً يفترض ان يترجم سريعاً اذا كان يحترم كلامه ووعوده، لان قوة «داعش» واخوانه ما تزال كبيرة وفاعلة في سوريا والعراق ومصر والسعودية وليبيا، وفي معظم دول العالم.
اللافت في خطاب ترامب اثناء تنصيبه رئيساً، محاولة واضحة منه، لتفكيك القوى الخفية التي تتحكم عادة بسياسة الادارة الاميركية، واستبدالها بقوة الشعب والرأي العام، وهي حالة سبقه اليها الرئيس الليبي السابق معمر القذافي، عندما اعلن قيام الجماهيرية الشعبية الليبية، وكان ترامب الذي عرف كيف يستميل ملايين الاميركيين في حملته الانتخابية، ينوي الاستمرار في هذه السياسة الرابحة، فهل يمكن ان يسمح خلال عهده قيام الجماهيرية الشعبية الاميركية ؟؟ انتظروا وراقبوا، لا شيء مستبعداً مع ترامب.