IMLebanon

البراغماتية الأميركية… تفتح ممرّات خلفيّة للحكومة!

 

لا يجد المواطنون تبريراً لانخفاض سعر صرف الدولار، إلا بكونها محاولات خبيثة يقودها المضاربون بسعر الليرة، لامتصاص الدولارات من السوق ورفع سعره من جديد نحو سقوف جنونية. غير هذا السيناريو، ليس هناك من تفسير منطقي قد يدفع بالعملة الخضراء إلى التراجع بعدما لامست قيمتها العشرة آلاف ليرة وأكثر، وقد تكون مرشحة لتخطي هذا السقف. لكن لدى المدافعين عن الحكومة رواية مختلفة. يقولون إنّ التحليق الجنوني لسعر الدولار لا يمتّ للاعتبارات الاقتصادية والمالية بصلة. هو تحليق سياسي بامتياز. وحين تتغيّر تلك المعطيات، تظهر الترجمة سريعاً على سعر الصرف.

 

يشيرون إلى أنّ مشروع إقالة الحكومة، سقط، حيث لعب الارتفاع العشوائي لسعر الدولار، دوراً مهماً في هذا الشأن من باب تحريض الرأي العام وتأليبه على الحكومة. وحين طويت هذه الصفحة، انطلق الدولار في رحلة العودة من دون أن يعني ذلك أنه سيعود الى قواعد سعر الـ 1500. لكن من المرجح أن يستمر في مسيرة الإياب، في ضوء المتغيّرات السياسية.

 

يقولون: يكفي النَفَس الايجابي الذي تحدثت به السفيرة الأميركية دوروثي شيا أمام رئيس الحكومة حسان دياب خلال لقائهما المطول يوم الجمعة الماضي، للتأكد من متغيّرات سياسية طرأت على المشهد الداخلي نتيجة تراجع الحدّة في الموقف الأميركي.

 

لا بل أكثر من ذلك، يكشف المطلعون على موقف دياب أنّ الديبلوماسية الأميركية عرضت مساعدة الحكومة اللبنانية على أكثر من صعيد، بعدما أبدت حرص بلادها على عدم محاصرة لبنان ودفعه الى مزيد من التعقيدات المالية.

 

 

 

ويعتبرون أنّ براغماتية الإدارة الأميركية ليست جديدة أو غريبة، وقد تظهر في أي وقت لتعدل من خطط واشنطن ومشاريعها، مشيرين إلى أنّ إصرار رئيس الحكومة على فتح الأبواب الموصدة شرقاً وتحديداً مع الصين، والعمل على اختراق قنوات التبادل التجاري مع العراق، قد يكون دفع الإدارة الأميركية إلى اعادة النظر بموقفها من الحكومة اللبنانية، من خلال فتح ممرات خلفية قد تمدّ لبنان ببعض الأوكسجين ولكن من دون إنقاذه. ولذا يعتبرون أنّ تراجع سعر الدولار مفهوم بنظرهم. بناء عليهم، يعتبرون أنّ الكلام عن تثبيت سعر الصرف على 3850 لا يمتّ للحقيقة بصلة، ذلك لأنّ الحكومة كما مصرف لبنان متفقان على الإبقاء على سعر الصرف الرسمي عند عتبة 1500 لأسباب كثيرة، لأن السيناريو المعاكس من شأنه أن يفجّر بركاناً اجتماعياً تعمل الحكومة على التهدئة من روعه.

 

ويشيرون إلى أنّ ثمة قروضاً مصرفية تدفع على أساس 1500 كما أنّ مصرف لبنان يتولى دعم المواد الأساسية، أي القمح والنفط والدواء والمستلزمات الطبية على أساس 1500 فيما التزامات الدولة للمستشفيات والمتعهدين على أساس 1500 أيضاً. وبالتالي إن رفع السعر الرسمي إلى 3850 من شأنه أن يفجر قنبلة نووية لا يمكن تحملها، فيما خطة التعافي الاقتصادي التي وضعتها الحكومة، تتحدث عن رفع سعر الصرف الرسمي ولكن على نحو تدريجي قد يحتاج خمس سنوات.

 

في هذه الأثناء، عادت المفاوضات مع صندوق النقد الدولي على نحو ايجابي، وفق المطلعين على موقف رئيس الحكومة، لتبدأ مرحلة من النقاش المفصل حول ملفات محددة، مع العلم أنّ مصادر الوفد اللبناني المفاوض تؤكد أنّ الصندوق مطلع على كل شاردة وواردة تتصل بمالية لبنان، ولذا يبدي انزعاجه من التسريبات العشوائية خصوصاً السلبية منها. وقد اختصر قطاع الكهرباء جدول أعمال الجلسة الأخيرة من النقاش بين الوفد اللبناني وصندوق النقد، حيث يتردد أنّ الأول أكد أمام الثاني التوجه لتشكيل الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء، وذلك بالتزامن مع اعداد التعديلات على القانون 462 لارساله الى مجلس النواب.

 

وهذا يعني أنّ الخطوتين ستحصلان بشكل موازٍ، على عكس ما كان يطالب به الفريق العوني الذي كان يدعو الى تعديل القانون قبل تعيين الهيئة الناظمة. وفي ما يبدو أنّ المسارين سينطلقان سوياً، وفي وقت قريب.