IMLebanon

مقاربات أميركية لوضع المنطقة: ماذا عن مصير المسيحيين؟

 

 

طَرَحَتْ المقاربات والتوجّهات الأميركية في التعامل مع اوضاع منطقة الشرق الاوسط وبخاصة حول لبنان، الكثير من الأسئلة عمّا يخطط له الاميركي وما سينفّذه وكيف سينفّذه، في ظل حالة الاشتباك العسكري المترافق مع مفاوضات فوق الطاولة وتحتها مع اكثر من طرف، وفي ظلّ مخاوف لبنانية مشروعة من ان يكون اي حل او تسوية للشرق الاوسط على حساب لبنان، وبخاصة المسيحيين فيه.

في قراءة لمصادر سياسية مطلعة عن كثب على بعض ما يجول في فكر الاميركي وتوجّهاته ومراقبة لتصرفاته، انّ هناك تخوّفاً اميركياً من ان يفلت زمام الامور في الشرق الاوسط من يد اميركا، وهناك تخوّف اكبرعلى أمن إسرائيل ووجودها ودورها في المنطقة، كحارس تاريخي لمصالح اميركا وعصا غليظة بوجه خصومها، كما كانت ايران ايام الشاه الراحل. لكن المصادر ترى انّ هناك حدوداً تضعها «الادارة الاميركية العميقة لحفلة الجنون» التي يقيمها المتطرّفون سواءً في اسرائيل او في بعض الاوساط الاميركية، لذلك فهي بالتوازي مع دعمها لإسرائيل ما زالت تفاوض ايران حول ملفات كثيرة، منها المنفصل عن اوضاع المنطقة كالملف النووي، ومنها المرتبط، لا سيما حول ما يحصل في غزة وجبهات المساندة، وسبل وقف الحرب وإمكانية الذهاب الى مفاوضات حول تسويات ولو بالحدّ الأدنى، تكفل تحقيق استقرار موقت وطويل ان لم يكن مستداماً.

وتضيف المصادر: «لذلك تسعى الإدارة الاميركية الى إبقاء المواجهات والتوترات الحاصلة في المنطقة «تحت خط الانفجار الكبير». وتوفد المندوبين تباعاً الى المنطقة، ولا سيما وزير الخارجية انتوني بلينكن وكبير مستشاري البيت الأبيض لشؤون الطاقة آموس هوكشتاين ومسؤول الأمن القومي ومدير المخابرات المركزية، وتقوم بتنسيق ولو محدود مع فرنسا، للمساهمة في ضبط الاوضاع وبخاصة في جبهة جنوب لبنان مع فلسطين المحتلة، وإن كانت لا تُسلّم كل اوراقها واقتراحاتها وخططها للجانب الفرنسي. عدا عن مسعى الرئيس جو بايدن شخصياً «لإنزال رئيس وزراء الكيان الاسرائيلي بنيامين نتنياهوعن الشجرة العالية»، فيما يتولّى بلينكن في جولاته المكوكية في المنطقة، وبخاصة في اسرائيل «تهيئة الحل لليوم التالي بعد وقف الحرب في غزة».

 

ولكن في ما يعني لبنان، تقول المصادر: «انّ الادارة الاميركية تهتم فقط بوقف المواجهات وتقليل خسائر اسرائيل وتخفيف اندفاعتها نحو التصعيد. اما مصير لبنان ككل لجهة مستقبله السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وبشكل خاص مصير المسيحيين فيه وفي المنطقة عموماً، فهو ليس اولوية اميركية مُلحّة الآن، برغم المسعى الاميركي للتعجيل في انتخاب رئيس للجمهورية، لكن ليس بما يكفي من الضغط على حلفائها وأصدقائها في لبنان للتنازل عن بعض شروطهم التعطيلية. فإنتخاب الرئيس هو حلقة من سلسلة الحلول التي تسعى اليها الادارة الاميركية لترتيب وضع المنطقة، كون الرئيس، أي رئيس، سيكون المعني السياسي الاول بالتوازي مع الحكومة الجديدة، في متابعة مفاوضات التسويات التي يشتغل اكثر من طرف دولي واقليمي عليها، ومصير هذه المفاوضات والتسويات مرتبط بتوجّهات الرئيس العتيد للبنان، ذلك انّ التوقيع النهائي حول أي اتفاق او تسوية هو بيده حسبما يَنصُّ الدستور. ومن هذا الباب تهتم الادارة الاميركية بـ «مواصفات الرئيس اللبناني»، بحيث تكون على الأقل مطمئنة الى أنّه لن يعارض بالمطلق هذه التسويات ولو كانت لديه ملاحظات عليها».

لذلك، ستبقى الإدارة الاميركية حسب المصادر ذاتها، في حراك دائم لتحقيق ولو «نصف انتصار في الشرق الاوسط» عبر دبلوماسية هادئة، بعدما اصبح الانتصار على روسيا في اوكرانيا مستحيلاً، وهو ما كان يُعوّل عليه في معركته الانتخابية الرئاسية. فبات يبحث عن نصر في مكان آخر.

 

في الخلاصة… الإدارة الاميركية العميقة، لا «الواجهة السياسية الرسمية»، قادرة على فعل الكثير، حتى الشيء ونقيضه، «من دون ان يرفّ لها جفن» حسبما تقول المصادر. فهي دولة عظمى قادرة على تحمّل اي خسارة ولو على مضض، لذلك هي قادرة على ترك اي بلد حليف للفوضى إن لم تحقق فيه ما تريد، وسبق ان حذّرت لبنان قبل سنوات طوال من الفوضى فدخل فيها، ثم حذّرت مؤخّراً افغانستان بعدما انسحبت من هذا البلد وتركته للصراعات.