«الهدف من جولتي مساعدة هذه الدول على تعزيز جهودها لاحتواء الجمهورية الاسلامية في إيران».
بهذه الكلمات وصف وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الهدف من جولته الى المنطقة التي تشمل لبنان هذه المرة كمحطة ثالثة بعد الكويت وفلسطين المحتلة. وهذا الوصف للجولة أطلقه روبرت بالادينو المتحدث الرسمي بإسم الوزير الأميركي.
واضح أن واشنطن تضع في أولويات اهتمامها، من خلال المحطة اللبنانية في الجولة، كيفية التضييق على حزب الله الذي يتمثل في الحكومة وفي المجلس النيابي اللبناني بحضورين مميزين.
وكان سبق لنائب مساعد وزير الخارجية الأميركي مستر ساترفليد أن مهد لزيارة معلّمه، بأن أبلغنا بوضوح من خلال محادثاته في بيروت، قبل أيام، أن حزب الله «حالة إيرانية» في لبنان. والكلام الذي استمع إليه في لبنان (وهذا ليس سراً) كان متناقضاً. إذ فيما أبلغه فريق لبناني موافقته على هذا التوصيف، عارضه فيه فريق آخر معتبراً أن الحزب هو «حالة لبنانية» تمثل أكثرية ساحقة في الطيف الشيعي. وأن ناس هذا الحزب قالوا كلمتهم المباشرة في صناديق الاقترع تأييداً بإيصال مرشحيه جميعاً الى الندوة اللبنانية.
إلاّ أنّ الموفد الاميركي كان له رأي آخر، وهو أنّ قانون الانتخاب صيغ بشكل «مدبر» لكي يصل مرشحو الحزب الى البرلمان. ولم يقتنع بأنّ مرشحي حزب الله كانوا يصلون الى الندوة من دون أي اختراق حتى في القانون الانتخابي السابق الذي هو نسخة عن قانون الستين الانتخابي الذي وضع في مطلع عهد رئيس الجمهورية الأسبق اللواء فؤاد شهاب يوم لم يكن في لبنان أي خبر لما عُرف ابتداءً من العام 1982 بــ «حزب الله».
طبعاً الغاية الأولى من زيارة مستر بومبيو هي دعم لامتناهٍ لإسرائيل التي قال عنها بومبيو «مرة أخرى يتعرض المواطنون الإسرائيليون الى هجوم من إرهابيين في غزة مسلحين وممولين من أسيادهم في طهران».
وهو بالتالي رفض أن يلتقي معارضي نتانياهو الذي يحظى بدعم غير مسبوق من إدارة الرئيس دونالد ترامب.
وفي منأى عن أهداف الولايات المتحدة الأميركية، المعلنة والمضمرة من وراء الزيارة الأميركية، فمن الواضح أنّ الأميركي لا يزورنا إكراماً لسواد العيون، ولا حباً بإقالة لبنان من عثراته!… وهذا أمر معروف. ولقد يكون مفيداً التذكير بأنه في مرحلة تولي العماد ميشال عون رئاسة الحكومة الانتقالية في أواخر ثمانينات القرن العشرين الماضي، فإن لجنة الجامعة العربية المكلفة مواكبة الأزمة اللبنانية، وكانت برئاسة الأمير سعود الفيصل، عقدت اجتماعاً حمّلت فيه الرئيس السوري الراحل المرحوم حافظ الأسد المسؤولية عن التصعيد في لبنان، وقررت القيام بجولة دولية بدءاً من واشنطن. جيمس بايكر وزير الخارجية الاميركي في العام 1989 استقبل اللجنة بوجوم وغضب قائلاً: قبل أن تبحثوا معنا في أي شيء يجب عليكم أن تراجعوا بيانكم فتزيلوا كل كلمة تحمل الأسد المسؤولية، وتضعوها على عون… وأنتم لستم بأحسن من دوكويار الذي حاول «اللعب» في الأزمة اللبنانية فأوقفناه عند حده، ولستم بأفضل من ميتران (الرئيس الفرنسي) الذي هدد بتحريك البارجة «طولون» من مرسيليا الى الشاطئ اللبناني فأوقفناه عند حده أيضاً!