IMLebanon

أميركيون يستنجدون بأصدقاء لبنانيين لتنبيه الكونغرس من مخاطر إندفاعة ترامب!

 

فصام أميركي -إيراني: حوار في بياريتز وحرب في لبنان وسوريا والعراق

 

 

عدد محدود من المسؤولين اللبنانيين عرفوا بالاجراء الأميركي ضد المصرف اللبناني  قبل ساعتين من حصوله، وكانت السفارة الأميركية أكثر الذين تفاجئوا

 

ثمة سكيزوفرينيا واضحة المعالم في الإقليم. إذ لا تمكن مقاربة العصف الحاصل في المنطقة من دون ربطه بفصام تلوكه العواصم المعنية، وتحديدا واشنطن وطهران. في بياريتز الفرنسية تستنفر الجهود لإستئناف التواصل الكلامي المباشر بين كل من العاصمتين، فيما تستمر الإدارة الأميركية– مباشرة وعبر وكيلها الإسرائيلي- في حربها على الأذرع الإيرانية، من الحشد الشعبي في العراق الى الحرس الثوري وحزب الله في كل من دمشق وبيروت، وهي حرب ضروس عسكرية وأمنية وسياسية وديبلوماسية، تكاد تتخّذ كل المكونات الحربية المعروفة لتحقيق الغرض منها، وهو حصرا خنق حزب الله وصولا الى تصفيته والعصف في بيئته الحاضنة، وإستطرادا في المكونات الداعمة له. وفي هذا السياق، يظهر أن لا مانع من وقوع ضرر جانبي (وتعبير  Collateral Damage يكاد يكون الأشهر أميركيا زمن الحروب) للوصول الى هذه الغاية، حتى لو شمل فيما شمل الدولة اللبنانية بمفهومها النظامي– المؤسستي.

 

إذن، تعصف هذه السكيزوفرينيا السياسية في أكثر من عاصمة عربية من المحيط الى الخليج، ولا تشمل حصرا النزاع بين واشنطن وطهران. فما يحدث في ليبيا، وخصوصا في اليمن لا يقل درجة وغرابة وحدّة عن الفصام الأميركي – الإيراني الذي يبقى الأكثر تأثيرا في الإقليم بالنظر الى تشعباته الديمغرافية والجيوسياسية والإستراتيجية الخطرة والعوارض البسيكولوجية الناتجة منه والتي لا تقل خطورة. وبين الخبراء من لا يتوانى عن التأكيد أن التحولات الراهنة لا تقل أهمية وخطورة عن تلك التي شهدتها المنطقة، وتحديدا ايران والمملكة العربية السعودية، في العام ١٩٧٩.

 

لبنان، في هذا الخضم، واحد في سلسلة الحلقات الأضعف في هذا النزاع العقائدي– الديني– السياسي. ولا ريب أنه يشكل راهنا مساحة التجاذب الأكثر شراسة. تعمل فيه سياسيا وإستخباريا وديبلوماسيا كل من واشنطن وطهران وعواصم عربية، تماما كما تفعل تل أبيب، فيما تسعى عواصم أوروبية كباريس، الى دور توفيقي- وسيطي يوازي ويواكب ما فعلته إدارة الرئيس إيمانويل ماكرون على هامش قمة الدول السبع الـG7 في بياريتز، في محاولتها لتأمين تواصل مباشر بين الرئيسين دونالد ترامب وحسن روحاني. أما برلين فتلك حكاية أخرى تستحق أن تروى تفصيلا، ولا سيما في دورها الصامت الأقرب الى صمّام أمان أخّر تكرارا الصدام المباشر بين تل أبيب وحزب الله!

 

يكاد لبنان يدفع الثمن الأكبر للـ Collateral Damageالذي لا تمانع دول النزاع حدوثه محليا. فغارة Jammal Trust Bank كان لها وقع الصاعقة على المسؤولين اللبنانيين الذين تبلّغ عدد محدود منهم بالإجراء الأميركي قبل ساعتين من حصوله، فيما البعثات الديبلوماسية الغربية لم تكن أوفر حظا. أما أكثر من تفاجأ بالقرار فكانت السفارة الأميركية نفسها التي كان المسؤولون فيها ينفون نفيا قاطعا عشية الإجراء العقابي أي إتجاه لإستهداف أي مصرف لبناني، وفي ظنهم أن البنك اللبناني – الكندي سيبقى الوحيد في اللائحة العقابية.

 

ولا يُخفى أن أشد المتابعين وأقربهم الى القرار الأميركي كانوا على ثقة بأن الإجراء الآتي سيكون إسميا ولن يشمل القطاع المصرفي، بمعنى أنه سيطال رجال أعمال محسوبين على حزب الله من خارج بيتئه الطائفية، ومتهمين بتأمين التمويل له، ومن بينهم تحديدا رجل أعمال لا يزال إسمه محط جدال ونقاش على خلفية قضية إستثمارية- سياسية.

 

ويُعتقد على نطاق واسع أن الإجراء الأميركي في حق JTB لن يكون الأخير. إذ ثمة تداول باسم مصرف أو أكثر من المحسوبين سياسيا ومذهبيا على البيئة الشيعية. ولا يبدو أن الإدارة في واشنطن تأخذ في الإعتبار، على الأقل راهنا، مخاطر الإجراءات العقابية على القطاع المصرفي وإستطرادا على الاستقرار اللبناني الهش سياسيا وإجتماعيا، على أن تشمل بالتوازي شخصيات من فئة رجال الأعمال الذين تتهمهم وزارة الخزانة أو تشتبه بأنهم يشكلون خلايا تمويلية لمصلحة حزب الله.

 

ولا يلغي الإستنفار التطميني الحاصل على مستوى مصرف لبنان وجمعية المصارف حقيقة المخاطر المتأتية من الحرب الأميركية- الإسرائيلية المستمرة على حزب الله.

 

ويصبح والحال هذه من غير المستغرب إستنجاد مسؤولين اميركيين بأصدقائهم من اللبنانيين ممن يملكون دالة على الكونغرس لإقناع القوى الفاعلة فيه وخصوصا الجمهوريين بالعمل على الحدّ من هذه الإندفاعة الحاصلة، والتي تحسبها إدارة ترامب أحد عناصر القوة في سعيها الى كيّ الموقف الإيراني وإستدراج طهران الى مفاوضات جديدة ترغب بها واشنطن لإبرام إتفاق نووي جديد.