بعد التطورات الأخيرة في الجنوب، وبعد القصف الإسرائلي في سوريا، تتخوّف أوساط سياسية من احتمال وارد باستهداف إسرائيل للبنان، معتبرة أن هذا الأمر ليس مستبعداً في ظل الأجواء الإقليمية والدولية السائدة.
مصادر ديبلوماسية في الأمم المتحدة، لاحظت أن موضوع القصف الإسرائيلي على سوريا وإستمرار التهديدات ضدها، كان على خلفية تسليح «حزب الله». ولفتت إلى أن هناك تصعيداً في المنطقة بالنسبة إلى الوضع مع إسرائيل، ويأتي ذلك ضمن مواجهة كبيرة أميركية – إيرانية في المنطقة.
وهنا يمكن السؤال «كيف قصف الإسرائيلي في سوريا ومسؤولوه ما زالوا عائدين لتوّهم من روسيا؟»، وكذلك «من يصنع قرار الحرب؟، أي أن من يستطيع صناعته، ليس بالضرورة أنه هو من يستطيع أن يوقف الحرب أو يتحمّل كلفتها. فهل يستطيع النظام السوري بالوضع الحالي، أن يتسبب بالحرب؟ أو هل تستطيع إيران أن تقوم بالحرب ضد إسرائيل؟ وأيضاً، هل يستطيع حزب الله أن يقوم بالحرب ضد إسرائيل؟».
في الولايات المتحدة هناك إدارة مختلفة عما كانت عليه لدى حصول حرب ٢٠٠٦. فهل أن إسرائيل مستعدة للحرب الآن؟. تؤكد المصادر أن اسرائيل دائماً جاهزة للحرب وتريدها ومستعدة لها. إنما هي لا تريد أن تبدأ بهذه الحرب. والفارق في المعادلة بين اليوم والـ ٢٠٠٦، هو أن روسيا وإيران باتتا على حدود إسرائيل، في العام ٢٠٠٦ كانت هناك موافقة أميركية على الحرب شرط أن لا يتكسر البلد، وأن تبقى المنشآت العسكرية والمدنية قائمة، وأن يكون الهدف منها القضاء على البنية التحتية لـ «حزب الله». لكن إسرائيل آنذاك استهدفت البنية التحتية للدولة، ولم يلحق الأذى بالحزب، لا بل انطلقت سلطته وكذلك نفوذه صوب الداخل اللبناني. روسيا، وإن باتت حالياً على مسافة جغرافية قريبة من إسرائيل بسبب وجودها في سوريا، الا أنها لن تقصف إسرائيل وذلك غير وارد في الأساس، ولن تكون بالتالي البادئة بأي حرب. ولكن المشكلة في الجولان، أي أنه ممنوع أي وجود لـ «حزب الله» على مقربة منه.
والسؤال المطروح أيضاً، «هل أنه إذا حصل استفزاز ما في الجنوب، فهل سيكون قابلاً للضبط؟ وهل الجهة التي ستأخذ القرار بإطلاق أول صاروخ في الحرب المحتملة، قادرة على أن تسوق ادائها في محيطها ورأيها العام، وأن تبرره بأن الحق لا يقع عليها؟».
الجو في المنطقة معادٍ لايران، سواء كان عربياً، أو أميركياً. لكن ماذا تريد واشنطن؟ حتى الآن ليس واضحاً بالضبط ما الذي تريده. انما هناك مؤشرات تدل على دعمها اللامحدود لإسرائيل. الإدارة الجديدة خففت من موازنة وزارة الخارجية، وعززت اعتمادات وزارة الدفاع ما يعزز القدرات العسكرية. لكن هل هذه الإدارة على استعداد للخوض في معارك تتبنّاها هي وتقوم بها، وإذا لا فهل هي مستعدة لمساعدة أصدقائها في معاركهم؟
بالأمس أثبتت التجربة أن إسرائيل وبدعم أميركي لديها قدرات عسكرية هائلة. إسرائيل اعترضت صوراريخ أرض ـ جو أُطلقت في اتجاه طائراتها في ضربتها الأخيرة على الأراضي السورية، وسقطت شظاياها في الأردن. وإذا لم تحصل حرب، فهل الجميع في المنطقة ذاهب في إتجاه السلام؟
هناك مسعى أميركي جدي لإعادة تفعيل عملية السلام. لكن هل يأتي ذلك حتماً ضمن مفهوم السلام الذي يعرفه العرب، وتتضمنه المبادرة العربية للسلام؟ هذا بحسب المصادر غير أكيد. إسرائيل حالياً مرتاحة جداً للدعم الأميركي المطلق لها من الإدارة الجديدة وفقاً للمصادر، والكل بات يدرك أن أمن إسرائيل مدعوم اميركياً مئة في المئة، وهو أولوية ولا ريب في الموضوع.
الاميركيون يقولون إن العملية السلمية ستطلق ضمن إطار حقوق الفلسطينيين وواجباتهم وحقوق الإسرائيليين وواجباتهم. فهل سيتحقق سلام عادل وشامل؟ اذا كان تقرير «الأسكوا» الذي لم يتضمن شيئاً كبيراً وخطيراً ضد إسرائيل، ولم يلتف أحد في الغرب ليدافع عن مديرة الأسكوا ريما خلف، فكيف سيتم التعامل مع تقرير المستوطنات الإسرائيلية في مجلس الأمن وسط هذا الدعم الأميركي المطلق لإسرائيل؟! لذلك، إن التخوّف سيد الموقف..لكي لا يقال أكثر.