مراقبو مسار الحملة للانتخابات النصفية في مجلس الشيوخ الاميركي التي تجرى اليوم، يتوقعون ان يفوز بها الجمهوريون، وبذلك يصبحون اكثرية في مجلسي الكونغرس الاميركي، وهذا ان حصل سيحول السنتين الاخيريتين من ولاية الرئيس باراك اوباما الثانية الى حالة من التساكن بين قوتي السلطتين التنفيذية والتشريعية، ستعطل الكثير من سياسات ادارة اوباما، ولا سيما في الشؤون الداخلية حيث تراجعت شعبية الرئيس الاميركي الى مستويات غير معهودة.
كثيرة هي التحليلات حول أسباب تراجع شعبية الرئيس الى هذا الحد، لكن كلها تتقاطع حول فكرة واحدة مفادها فقدان اوباما لخصائص القيادة الواثقة للولايات المتحدة، المعتبرة زعيمة العالم، أكان في الداخل أم في السياسة الخارجية حيث اتفقت كل التقديرات على ان اوباما فشل فشلا كبيرا في السياسة الخارجية، وقد تبدى ذلك في انفجار الشرق الاوسط الاخير بسيطرة تنظيم “داعش” على مساحات كبيرة من العراق وسوريا، وسبق ذلك فشل اوباما في ضبط سياسات نوري المالكي في العراق التي ادى معظمها الى انفجار البلاد، وقبلها عدم تصدي الولايات المتحدة لنظام بشار الاسد الذي استخدم السلاح الكيميائي وضرب عرض الحائط بالخط الاحمر الذي رسمه اوباما قبلها بأشهر، محذراً الاسد من ان واشنطن ستوجه ضربة الى النظام في حال استخدامه السلاح المذكور، فأغضب حلفاء أميركا العرب والأوروبيين. ولا يغيب ملف الازمة الاوكرانية وضعف ردة الفعل الاميركية على اجتياح القوات الروسية لمنطقة القرم واحتلالها، ثم تدخلها المباشر شرق البلاد، مما اقلق الحلفاء الاوروبيين وفي مقدمهم دول البلطيق المجاورة.
لقد رسمت سياسات الرئيس الاميركي باراك اوباما في العالم، وخصوصا في الشرق الاوسط، ملامح شخصية مترددة وغير قيادية في زمن الازمات. وحتى بعدما قررت الادارة الاميركية شن حرب على “داعش”، بدا الامر كأنه يفتقد الى زخم القيادة الاميركية.
و لعل اكثر الملفات اقلاقا لحلفاء الولايات المتحدة مصدره هذه الحماسة المفرطة من جانب الرئيس الاميركي شخصيا للتوصل الى اتفاق حول البرنامج النووي الايراني، وما يمكن ان يستتبع ذلك من اجراءات لرفع العقوبات الاقتصادية عن طهران، مما سيضخ الأوكسيجين في اقتصادها المتردي، دون ان يمنع استمرارها في سياساتها لاختراق المشرق العربي. لذا فإن حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الاوسط، وفي معظم الدول الاوروبية وبالتحديد في اورربا الشرقية ينتظرون بفارغ الصبر هزيمة لحزب اوباما في الانتخابات النصفية اليوم، علها تسهم في قرار سريع ومتوقع للرئيس بتغييرات مهمة في طاقم السياسية الخارجية، وتعيين طاقم جديد اكثر شجاعة في ادارة الملفات الخارجية، بوجه رئيس يتفق الجميع على انه لن يحيد عن ان يكون رئيسا مفرطا في التردد. لكن طاقما جديدا قد يغير في المسار الحالي.