تستحق الولايات المتحدة الأميركية أن تدخل موسوعة “غينيس” للأرقام القياسية بموضوع تتميّز به وتستحقه بجدارة وهو الكذب.
تاريخ أميركا مع الكذب في موضوع سوريا ليس له بداية ولا نهاية وذلك منذ اليوم الأول للثورة السورية منذ 6 سنوات حيث كانت أوّل من نادى بضرورة أن يتخلى المجرم السفّاح بشار الاسد عن الحكم، ولم تكتفِ بهذا بل ذهبت الى أبعد من ذلك حين حرّكت أساطيلها باتجاه البحر الأبيض المتوسط رافعة شعار محاسبة المجرم على استعماله الاسلحة الكيميائية لإبادة شعبه والأسلحة المحظرة دولياً.
فجأة، ومن دون أي انذار أو أي مبرّر مقنع، توقفت الأساطيل وجاء تكليف الروس نقل الأسلحة والمواد الكيميائية الى خارج سوريا، وهكذا توقفت حاملات الطائرات في عرض البحر وأخذت تتفرّج على المجرم السفّاح وهو يمارس هوايته المفضلة في قتل من يريد من شعبه الذي يعارض بقاءه على كرسي الحكم.
سؤال لا أجد له جواباً وهو: مَن يصدّق أنّ أميركا حرّكت أساطيلها لكي تهدد النظام السوري المجرم الذي ينفذ لإسرائيل أكبر خدمة في تاريخها؟ ألاّ وهي: أولاً القضاء على الجيش السوري الذي هو تكملة لمشروع وزير خارجية أميركا السيّئ الذكر هنري كيسنجر الذي وضع خطة للقضاء على الجيوش العربية وكانت أوّل خطوة تحييد الجيش المصري عام 1973 بعد حرب أكتوبر المجيدة، وحل الجيش العراقي عام 2003 يوم غزت أميركا العراق بحجة القضاء على اسلحة الدمار الشامل.
نعود الى سوريا حيث أعلنت واشنطن، أول من أمس، أنّ أميركا لم تعد تشترط إزاحة الاسد، وهي تترك الموضوع أو القرار للشعب السوري المظلوم والمغلوب على أمره.
من ناحية ثانية، أذكّر بما حصل بين أميركا ومصر وأيضاً منذ بداية الثورة المصرية أو ما يسمّى بـ«الربيع العربي»، ففي البداية كانت أميركا ضد الاخوان المسلمين ولكن حين وصل «الإخوان» الى الحكم تغيّر موقفها وأصبحت تؤيّد وصولهم الى الحكم، وعندما انتفض الشعب المصري ثانية وأسقط حكم الإخوان عادت أميركا لتقف ضد الاخوان وأيّدت تسلم قائد الجيش عبدالفتاح السيسي.
هكذا وبكل بساطة دولة عظمى لا بل أهم وأقوى وأكبر دولة في العالم تتخذ الموقف ونقيضه في الوقت ذاته…
ماذا يعني هذا؟ يعني أن علينا ألاّ نصدّق أميركا وألاّ نثق بها، وأن نعمل ما هو في مصلحتنا، لأنّ أميركا لا تريد لنا الخير…
عوني الكعكي