IMLebanon

أميركا “اختارت” المالكي وكان “إيرانياً”!

بدأ الباحث الحالي والديبلوماسي السابق البارع الذي تابع عن كثب المنطقة ودولها مدة طويلة اللقاء بالحديث عن أميركا وإيران، قال: “مشكلة اميركا في رأيي وتحديداً رئيسها باراك أوباما هي محاولة التفاهم مع إيران عدوتها السابقة. وأنا أرحّب بهذه المحاولة ولكن ليس قبل التفاهم عليها وعلى جوهرها وأهدافها ومداها مع جيرانها في المنطقة من حلفاء أميركا وأصدقائها. وندي شيرمان الديبلوماسية الكفوءة في الخارجية والمتابعة عن كثب بل المشاركة في التفاوض مع إيران مع شركاء أميركا في المجموعة الدولية 5 + 1 تقول ومعها الإدارة كلها لكل من ينتقدون: “لا نريد أن يخربط أحد لنا التفاوض الجاري أو أن يعطّله. ولا تعلّوا السقف. ولا تفعلوا كذا وكذا”. في هذا الوقت كانت إيران تتدخل بكثافة في لبنان، وتحارب بشراسة في سوريا مع رئيسها بشار الأسد، وترسل مقاتلي “حزب الله” إليها لدعمه، ولا تزال. وكانت تحارب في العراق حيث حقّقت وضعاً ومركزاً لم تكن تحلم بهما. وهي في اليمن “تخربط”. ما هكذا تكون المفاوضات. كان يفترض أن يقول الأميركيون لمحاوريهم الإيرانيين وتحديداً جون كيري وزير الخارجية الذي أراد التفاوض ولا يزال: “لا تستطيعون أن تفاوضوا كي تحصلوا على ما تريدون، وأن تستمروا في الوقت نفسه في استهداف حلفائنا وضربهم، وفي تنفيذ مشروعاتكم السياسية – الجغرافية ومشروعكم النووي. وإذا أردتم أن تتابعوا هذا النهج سنريكم نحن نجوم الظهر. لا تعتبروا هذا تهديداً. هو ليس كذلك. ونحن لا نهدّدكم. لكنكم تضطرونا إلى هذا النوع من الكلام. إما مفاوضات وإما لا مفاوضات”. كيف ترى موقف المملكة العربية السعودية وهي تشاهد حليفها بل داعهما وحاميها الدولي رئيس أميركا يفاوض الدولة التي تعتبرها خطراً كبيراً عليها بسبب ايديولوجيتها الدينية – السياسية وطموحاتها الاقليمية؟ سألتُ. أجاب: “السعودية تشعر بالإحباط من سياسة أميركا. حاول أوباما تهدئتها وطمأنتها. لكن لا أحد يعرف كيف ستكون السياسة السعودية بعد انتقال الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى جوار ربه وخصوصاً مع الملك الجديد سلمان. يبدو سلمان مستنيراً، لكن من الأفضل الانتظار لنرى ماذا يمكن أن يحصل”.

ما رأيك في عملية السلام الشرق الأوسطية وخصوصاً على المسار الفلسطيني – الإسرائيلي؟ سألتُ. اجاب: “لا بد من تسوية سلمية على هذا المسار يكون اقتراح الدولتين أساسها”. ثم تابع الكلام عن سوريا والعراق، قال: “في الموضوع السوري لا يمكن أن نتصرّف على أساس أن الرئيس الأسد مستمر وسيبقى. إيران تعطيه أسلحة ومالاً وروسيا تعطيه أسلحة، ولكن في مقابل ماذا؟ لا مانع عندنا من استعمال روسيا مرفاً طرطوس. لكن لا بد من سؤالها وإيران إذا كانتا تريدان تسوية سياسية أو حلاً لسوريا أم لا؟ أما في العراق فقد ساندت أميركا رئيس الوزراء السابق نوري المالكي واختارته رئيساً للحكومة أو ظنّت أنها اختارته. لكن تبيّن لاحقاً أنه “عميل” لإيران. ورغم ذلك بقيت أميركا متمسّكة به. ما هذا التصرّف الغريب الذي لا يدلّ إلاّ على عدم المعرفة؟ هناك ظروف عدة أدّت إلى نشوء “داعش” (ISIS) لا بدّ من أن نفهمها كلّها. لا يمكن أن تُحلّ القضية مع هذا التنظيم أو غيره كلما قصف الطيران الأميركي الحربي مراكز محددة له. هناك في أميركا من يعمل أو يظنّ أن الأفضل هو العمل لإقامة جدار بينها وبين العالم. فهي أقوى سوبر دولة فيه، تستطيع ضرب من يهدِّدها وتمتنع عن التدخّل في العالم وأزماته (سياسة الانعزال). هذا الموقف غير صحّي وغير سليم. فهي لها دور قيادي واقتصادي وعسكري وإنساني. ولا يعني ذلك طبعاً أن تحكم أميركا العالم، بل أن تساعد في جعل دوله أو بالأحرى شعوبها تعيش في ظل أنظمة أكثر عدلاً من التي تحكمها. والديموقراطية هنا ليست شرطاً أو ضرورة وخصوصاً في مناطق ذات ثقافات مختلفة أو فيها شعوب لا تزال غير مهيأة للديموقراطية. فهي تراكم سنوات وعقود من التجربة والممارسة والخبرة والثقافة والتقدُّم. والشرط الوحيد الواجب توافره هو أن تحكم الأنظمة شعوبها بطريقة معقولة”.

ماذا عن تركيا رجب طيب أردوغان؟ سألتُ. أجاب الباحث الحالي والديبلوماسي السابق البارع الذي تابع عن كثب المنطقة ودولها مدة طويلة، قال: “عندما فاز “حزب العدالة والتنمية” لأول مرة بالسلطة في تركيا بعد انتخابات نيابية، وعندما نجح في الاستمرار حاكماً بواسطة الانتخابات أيضاً، ظنَّ العالم أنه وجد “الإسلام المعتدل الذي يستطيع أن يراهن عليه لمواجهة التطرّف والإرهاب في العالم الإسلامي وتحقيق التقدّم والديموقراطية”.

هل كان ظن العالم في محلّه؟ سألت.