Site icon IMLebanon

الرئيس المقبل سيُدفِّع أميركا “فواتير” أوباما!

يعرف الأميركيون أن رئيسهم باراك أوباما يُركّز منذ بدء ولايته الثانية في البيت الأبيض على تحقيق منجزات يقدّرونها له ويسجلها التاريخ ايجاباً في خانته. هذا كان السبب الثاني لتفاوضه النووي مع الجمهورية الاسلامية الايرانية في اطار المجموعة الدولية 5+1، ولتوقيع اتفاق معها لاحقاً أي بعد حوالى 20 شهراً. أما السبب الأول فكان اقتناعه بأن مصلحة بلاده الحيوية والاستراتيجية في الشرق الأوسط تقتضي اعادة العلاقة مع هذه الدولة، ولكن بعد اقناعها بالتوقّف عن السعي الحثيث للتحوّل دولة نووية عسكرياً بعدما أصبحت دولة نووية سلمياً. ويعرف الأميركيون أيضاً أن “التاريخ” أو بالأحرى مركزه فيه لعب دوراً مهماً في دفع رئيسهم نفسه الى عدم الانخراط أو التدخّل عسكرياً في الحرب السورية الأهلية – المذهبية – الارهابية، اقتناعاً منه بأن ذلك سيورّط بلاده في عهده بحرب كبيرة في الشرق الأوسط. وهو بنى شرعيته وشعبيته عند الأميركيين على قراره، منذ انتخابه رئيساً لأول مرّة، انهاء الوجود العسكري لبلاده في العراق ولاحقاً في أفغانستان الذي قام به سلفه جورج بوش الابن.

الا أن ذلك يجب أن لا يدفع مستشاريه والعاملين معه من قرب الى الفخر والاعتزاز في رأي عاملين في مركز أبحاث عربي جدّي. ذلك أن سلبيته تجاه سوريا الثورة ثم سوريا الحرب الأهلية ثم سوريا الارهاب، اذا جاز وصف موقفه منها على هذا النحو، سيرتّب على أميركا اذا لم يكن رتّب، “فواتير” كبيرة سيجد الرئيس الأميركي المقبل بعد نحو سنة وشهرين أنه مضطر الى دفعها من دون أن يكون مسوؤلاً عن ظروفها وأسبابها. ويعني ذلك أن سياسة تلافي الانخراط أو التدخّل العسكري الجدي اليوم في سوريا، بل في الشرق الأوسط المتأزمة أوضاعه والمأزوم كله، سوف تقود خلفه الى تدخّل ذي حجم كبير وربما الى تورّط. ذلك أن الامتناع عن إشعال عود الكبريت ورميه على منزل بعد “اشباعه” بالبنزين أو أي مادة قابلة للاشتعال السريع، لا ينفي المسؤولية عن الحريق اذا رمى شخص آخر العود عليه. وعلى العكس من ذلك فانه سيُعتبر مسؤولاً لأنه لم يمنع الآخرين من اغراقه بالسائل ومن اشعاله لاحقاً، وكان قادراً على ذلك.

انطلاقاً من ذلك يعتبر الباحثون أنفسهم أن أحداً من الأميركيين أو من غيرهم لن يصدّق كل من يقول ان أوباما لم يكن الرجل الذي دفع الشرق الأوسط الى أزمة ربما أصبحت غير قابلة للحل الا بمواجهة عسكرية طويلة الأمد تكون أميركا طرفاً فيها وعلى نطاق واسع. وربما تكون المواجهة بدأت ولكن بمئات من أفراد “القوات الخاصة” وبآلاف قليلة من الجنود والمدرِّبين في العراق، هذا عدا رجال الاستخبارات الذين يعملون في صورة غير مرئية أو هكذا يُفترض. وانطلاقاً من ذلك أيضاً يفيد الباحثون أن المهمة الشاقّة التي يحاول انجازها وزير الخارجية جون كيري مع روسيا وايران وأوروبا وتركيا، ودول الخليج العربية بقيادة المملكة العربية السعودية، والعراق وفصائل المعارضة السورية المسلحة والسياسية واسرائيل… يعتبرون أن حظوظها في النجاح تتقلّص في استمرار. وما يدفعهم الى الاعتبار المذكور هو مراقبتهم الدائمة لحركة المنطقة وللتحركات الخارجية الفاعلة فيها. ونتيجة لها وجدوا أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين صارت له صلة وثيقة بالموضوع السوري وصار موضع اعتماد وثقة من نظامها وحليفته ايران بسبب لا سياسة أوباما التي جعلت صلته بالمنطقة خفيفة أو ربما قطعتها. ولاحظوا أن بوتين صار متمسكاً ببقاء الأسد حاكماً لسوريا بعدما كان لمّح أكثر من مرة، لشخصيات أجنبية اجتمع بها وبعضها أميركي وبعضها الآخر أوروبي وبعضها الثالث شرق أوسطي، أنه على استعداد لاعادة التفكير في مستقبل الأسد، ولا سيما اذا تم التوصل في المقابل الى صفقة أو تسوية تحافظ على الدولة السورية.

كيف ولماذا غيّر بوتين رأيه؟

ذلك كله حصل، في رأي باحثي المركز العربي البحثي الجدّي، في أثناء زيارة بوتين طهران في 23 تشرين الثاني الماضي، التي وصفها مستشار الولي الفقيه علي أكبر ولايتي بـ”الأكثر أهمية في تاريخ الجمهورية الاسلامية الايرانية”. وتابع: “وافق بوتين على أن اتفاقاً حول سوريا لن يتم التوصل اليه من دون التنسيق مع ايران”. وفي الـ7 من الشهر الجاري كان ولايتي أكثر وضوحاً اذ قال: “الرئيس الأسد خط أحمر للجمهورية الاسلامية الايرانية. فهو منتخب من شعبه”.

لماذا أعطى بوتين ايران قراره في موضوع الأسد؟