قصة الأزمة المترافقة مع القمة الاسلامية
ووقائع الحوار حول التباينات والخلافات
هل يبقى التحالف في الرأي والرؤية بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء، الحلقة الأقوى في الصراع على مستقبل لبنان، في ضوء الرغبة الجامحة الى انقاذ البلاد من براثن الصراع المذهبي، في ضوء ما يحيط بالجميع من ضغوطات حرجة على الصعد السياسية.
كان ارسال الوفد النيابي الى واشنطن، وفي مقدمته الصراع من أجل ايفاد النائب ياسين جابر ومعه النائب محمد قباني والسفير اللبناني السابق في واشنطن انطوان شديد والمستشار السياسي للرئيس نبيه بري السيد علي حمدان، فرصة لا بد منها لاقامة توازن بين السلطة الاشتراعية والسلطة السياسية، عشيّة التغيير الرابض على صدور أركان المصارف والهيئات الاقتصادية قبل أن يبادر الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب الى المواجهة مع بقايا نفوذ خصمه الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، خصوصا بعد اقدام الرئيس الأميركي الجديد، على اعادة التوازن في ادارته، وحبك التفاهم مع معارضيه في الادارة الجديدة.
وهذا ما يحتم على الادارة اللبنانية تجريد حملة داخلية للانضباط السياسي بين الرئيس العماد ميشال عون ورئيس مجلس الوزراء سعد الحريري من جهة، وبين رئيس مجلس النواب نبيه بري من جهة أخرى.
والعنوان الأساسي على هذا الصعيد، هو التجديد لحاكم مصرف لبنان للمرة الثالثة، أو الإتيان برئيس جديد لحاكمية المصرف المركزي من صلب الادارة الراهنة، ولا يكون في الوقت نفسه، مناقضا لوزير المال الحالي، المدعوم من الرئيس بري ومن الزعماء الشيعة في البلاد وفي مقدمتهم زعيم حزب الله.
ثمة ثلاثة تحديات يدور رحاها الآن، على الصعد الادارية والمالية والاقتصادية: ما هو مصير الحاكم الحالي رياض سلامة، وهل بالامكان التخلّي عن امبراطوريته المالية، وقد أرساها على قواعد ثابتة منذ عدة أعوام وأرسى معها أسسا ثابتة للمصارف اللبنانية.
ويقول عالم اقتصادي ان رياض سلامة، أثبت جدارة توجهاته، منذ أقدم الرئيس الشهيد رفيق الحريري، على اجتذابه معه ليتولى حاكمية مصرف لبنان ونجح في تثبيت الليرة اللبنانية، والحفاظ على النقد اللبناني، من دون ان تتعرّض الليرة اللبنانية للاهتزاز، وكان الرئيس الشهيد رفيق الحريري، يقود معه امبراطورية النقد اللبناني بجدارة، مما جعلها أيضا امبراطورية سياسية ومالية واقتصادية.
ويقول نائب لبناني ذو ميول أميركية، ان الادارة الجديدة للرئيس ترامب، لا تمانع في اختيار حاكم جديد للمصرف المركزي، لكنها تشعر بأن خيار التخلّي عن حاكم مصرف لبنان الحالي صعب، وغير قابل، لا للمراوغة ولا للمداهنة، لأن رياض سلامة يتّكئ على حفنة من أصحاب ومديري المصارف، يصعب على السلطة الأميركية المجازفة في اللجوء الى خيارات غامضة في الوقت الراهن…
وفي المعلومات ان ادارة الرئيس ترامب تشعر الآن بأنها مضطرة الى فتح حسابات قاسية مع حزب الله، وان الرئيس نبيه بري يشعر بدوره، بأنه مضطر الى حياكة نهج مالي يوفّق بين الادارة المالية التي يقودها بنجاح منذ مجيئه الى السلطة، وحتى استمرار رهانه المعقود على ما هو آتٍ على الطريق، وفي مقدمته دوره المعهود في ترسيخ النظام النسبي على الصعيد البرلماني، وهذا ما يشاركه فيه حليفه السياسي في الثنائي الشيعي الذي يمثله أساسا حزب الله والحريص على إبقاء تحالفه مع الرئيس العماد ميشال عون.
ويقول الوزير جبران باسيل الذي يقود السياسة الخارجية، انه ليس ضد الأميركان، كما انه ليس مع الأميركان على العمياني، ولا بد من توازن سياسي يقود لبنان الى اقامة توازن بين الأوضاع المالية في لبنان، والأوضاع النقدية الأوروبية، ولا سيما في الحقبة المقبلة على تغييرات معقولة في القارة الأوروبية، وعلى ارساء قواعد أساسية في السياسة النقدية لبنانيا وعربيا.
ويبدو ان الرئيس الأميركي الجديد ترامب، اختار المواجهة مع حزب الله لكنه لم يحدّد بعد، آفاق الصراع معه على الصعيداللبناني، لأن الأميركيين لا يهمّهم الخلاف مع العماد عون، لكن الذي يهمّهم هو بقاء التحالف قويا بين العماد عون من جهة والرئيس سعد الحريري ونبيه بري من جهة أخرى.
وهذا ما يعزز الأوضاع داخل الحكومة، خصوصا ان الأميركان ليسوا مستائين من التحالف القائم بين الثنائي المسيحي، ممثلا برئيس الجمهورية وبالدكتور سمير جعجع وان كانوا يبدون ارتياحا الى سريان حسن العلاقات مع المسيحيين المستقلين وفي مقدمتهم الوزير ميشال فرعون والوزير السابق بطرس حرب الذي يتمتع بجذور سياسية قوية في منطقة البترون، معطوفة على استمرار العلائق الممتازة مع النائب سليمان فرنجيه، من جهة، وحرص الرئيس بري والرئيس سعد الحريري، على استمرار التحالف بين الوزير وليد جنبلاط والقطبين الشيعي نبيه بري والسنّي سعد الحريري.
وفي رأي مرجع بارز، ان هذه التباينات السياسية تمهد، على المدى الطويل، لاستمرار التعاون الغامض بين الكتل الحيادية والزعامة المزدوجة بين التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية.
هل كانت الأمور تحدث في السابق كما تحدث اليوم.
في ٢٣ آب ١٩٦٢ زار لبنان نائب الرئيس الأميركي ليندون جونسون وزوجته، واجتمع الى رئيس الجمهورية، ولدى ارفضاض الاجتماع خرجا من المكتب وقد واكب الرئيس زائره بضع خطوات حتى منتصف البهو ثم توقف، تاركا لمسؤولي البروتوكول مرافقة نائب الرئيس الأميركي حتى المدخل. وبرّر على الأثر عدم مواكبته بأنه رئيس للدولة، بينما ليندون جونسون هو نائب للرئيس، وان كرامة المنصب توجب عليه ألاّ يرافقه الى المدخل الخارجي إلاّ نظيره رئيس الدولة الذي يزوره.
ويروي الشيخ ميشال الخوري إبن الرئيس الشيخ بشارة خليل الخوري ان الرئيس فؤاد شهاب كلّفه العام ١٩٦٤ مهمة في باريس لدى الرئيس شارل ديغول لحلّ مشكلة أقلقت الرئيس، وهي اكتشافه ان ثمة محاولة لبيع مؤسسات فرنسية لمغامر يريد شراء المصالح السياحية، وطلب من ميشال الخوري الاستفسار من الرئيس الفرنسي عن وسائل لاحباط تلك الخطة. وبادره الرئيس الفرنسي، ان الرئيس شهاب صديقي وكنّا رفاق مرحلة واحدة. وأنا أعرف من أنت… ويوما ما ستندمون على سحبكم فرنسا من لبنان أجابه زائره: نحن اللبنانيين لم نطرد الفرنسيين، انما كان الاستعمار قد وصل الى نهايته في معظم أنحاء العالم، وأنتم أعطيتم لبنان الاستقلال من دون ان تحصل بيننا خلافات. وقد حافظنا على المؤسسات وعلى المدارس الفرنسية كما على العلاقات الثقافية.
في حصيلة المقابلة، طمأن الرئيس الفرنسي الموفد اللبناني، الى تجميد بيع المؤسسات، وأبلغه ان وزير الخارجية الفرنسية يومئذ السيد كوف دو مورفيل سينفذ طلبات السلطتين اللبنانية والفرنسية.
في وقت لاحق، أقدم الجنرال ديغول على تعيين مراقب خاص يشهد على تنفيذ ما طلبه الشيخ ميشال الخوري من قصر الاليزيه.
بدوره، حرص الجنرال ديغول على احاطة الفاتيكان بما طلبه الرئيس اللبناني من فرنسا، على يد نجل رئيس الجمهورية اللبنانية السابق.
وهل تحدث في المدى المنظور، تفاهمات مناهضة للخلافات السابقة، في ضوء القمة الاسلامية المتوقعة، في غياب الرئيس المسيحي الوحيد في الشرق الأوسط.
أم ان ذلك الغياب، له مبرّر غير معلن، ألا وهو التفاهم القائم بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وحزب الله مع ان تيار المستقبل بزعامة سعد الحريري، مؤهل قبل سواه للحفاظ على التعاون مع الرئيس نبيه بري، عشيّة التباينات بين الجميع.
مبادرة غامضة
وبرز أخيرا كتاب آفاق – ٢٠١٦ للرئيس أمين الجميّل وهو مبادرة كبرى تروي قصة اتفاقية سايكس بيكو وهي العنوان الأساس لوجه الشرق الأوسط، وتلقي الأضواء على الكثير من الغموض، على تركيبة الأحداث وقد أضفى عليها الرئيس اللبناني السابق للجمهورية الكثير من الوجوه السياسية.
والرئيس الجميّل وهو رئيس سابق وقائد سياسي وزعيم، ترك الأحداث الدولية تأخذ مداها الأوسع وغادر قيادة حزب الكتائب اللبنانية، ليرئس التطلعات والأبعاد والأفكار، في معرض البحث عن مخزونات سياسية عميقة في البنية الحضارية للسياسة اللبنانية.
وعزز من تطلعاته، ما كان يعرضه المدير التنفيذي ل بيت المستقبل سالم منسى لقيادته الحكيمة لآلية عمل الندوات القائمة على النقاش.
كان هدف الرئيس الجميّل سحق الارهاب واعتبر ان بيت المستقبل بامكانه ان يقود الشباب الى السلام وتوعية تفكيره وهواجسه ورؤيته الى المستقبل، وتجاوز ما حملته تداعيات سايكس بيكو الى الحاضر اللبناني.
وجاء كلامه بمثابة ترسيخ الشباب في مكافحة التطرّف وتحديث المناهج التربوية.
ولفت الرئيس الجميّل الى ان الخطوة الأولى على هذا الصعيد في مكافحة عوارض تحول غالبا دون التعقل.
وفي رأي الدكتور خالد قباني ان الفساد لا يتناول جانبا من جوانب الدولة والمجتمع دون غيره، ولكنه يتفشى كالمرض الخبيث في جسم الدولة، في قلبها، ويضرب معظم أوصالها، ولا يستقر في قطاع دون غيره.
ويقول الدكتور قباني ان الفساد يترافق عادة مع ضعف الدولة وغياب الشفافية والمساءلة وانحسار دور المؤسسات وعدم احترام القانون، أي مع عدم وجود دولة القانون. ولذلك، يعتبر الفساد نقيضا للشرعية. ومن هنا جاءت القاعدة القانونية لتقول ان ما بني على فساد فهو فاسد، بما يعني ان الفساد يناقض الشرعية، ولا يمكن ان يبنى عليه حق أو مطالبة بحق كما لا يُكسب أي حق. وتتشابك الأسباب التي تؤدي الى الفساد في الدولة وفي المجتمع، منها ما يعود الى سوء تطبيق الديمقراطية، ان لم نقل الى غيابها، وهذا ما يتجلّى بقوانين الانتخابات التي لا تؤمّن تمثيلا صحيحا لشتى فئات الشعب، ولا توفّر حرية حقيقية للناخب ولا تتسم بالنزاهة بما يخرج مجلسا نيابيا لا يعكس الارادة الشعبية.
ولعل احترام القانون، بما يعني الالتزام بتطبيق أحكامه، دون انحياز أو محاباة أو تجاوز، احترام القاعدة القانونية هي قاعدة عامة ومجردة وغير شخصية تؤمن المساواة بين الأفراد ولا تفرّق أو تميّز بينهم، هو المدماك الأول للنزاهة والشفافية ولبناء دولة القانون، أي الدولة التي تخضع في كل أعمالها ونشاطاتها لحكم القانون والدولة التي يخضع فيها الحكام والمحكومون لأحكام القانون والى القاعدة القانونية التي توجه سلوك الفرد والجماعات، بما يحفظ انتظام عمل المؤسسات، ولعل إحدى الظواهر البارزة في لبنان هي عدم التزام السلطات الادارية بتنفيذ القاعدة القانونية بتجرد ونزاهة. والملاحظ ان النصوص في واد، وتطبيق هذه النصوص وممارسة الصلاحيات هو في واد آخر، وأكثر ما يتجلّى ذلك في موضوع الصفقات والمناقصات الحكومية التي تفتقر الى الحد الأدنى من شروط النزاهة والشفافية.
والواقع يبيّن ميلا واضحا بل توجها علنيا لدى الجهات المسؤولة الى مخالفة القواعد القانونية ومحاولة استتباع الادارات والسيطرة على مواقع القرار وعدم احترام القانون والأنظمة المرعية الإجراء، بما ينعكس سلبا على صحة ومصداقية وشرعية عمل الوزارات والادارات العامة، وعلى حقوق المواطنين.
ويقول الدكتور قباني انه من هذا المنطلق يجب السعي لأن تكون خلاّقة ومبدعة، كما يجب، وان تكون راشدة في العمل على استعادة دور المؤسسات.
وتحييد الادارة عن السياسة وان لا نغرق في دهاليزها ووحولها، لان الادارة تعمل من أجل الناس وفي خدمة الناس، كل الناس، ولتلبية احتياجات للمواطنين وتوفير الخدمات العامة لهم من ماء وكهرباء وطرقات وبيئة نظيفة ومدارس وصحة واستشفاء، بصورة مستمرة ومنتظمة لا انقطاع فيها ولا توقف، وبصرف النظر عن المتغيرات أو التأثيرات أو النزاعات السياسية. فقد يتغير الحكام وتتبدل الحكومات ولكن تبقى الادارة قائمة على خدمة المواطنين كل المواطنين، ولذلك يجب أن لا تتأثر بالأجواء السياسية أو الحزبية أو بالتغيرات والتقلبات السياسية. فلا يجوز لنا أن ندفع الناس دفعا وقهرا الى اللجوء للمراجع أو القوى السياسية وذوي النفوذ للحصول على حقوقهم أو تيسير مصالحهم، فنسيء الى أنفسنا والى الادارة ونساهم في إهدار كرامات الناس، يجب ان تبقى الادارة ثابتة على خطها ونهجها وطريقها المستقيم بحيث تشكّل حماية وضمانة لمصالح المواطنين وحقوقهم واستمرار تأمين الخدمات لهم.
وحول موضوع تردد روسيا في التعامل مع التنظيمات الخارجة عن الدولة ودور التشكيلات شبه العسكرية المدعومة من ايران والتي تقاتل الى جانب النظام، ففي الوقت الذي لا تعلق فيه وسائل الاعلام الروسية على استخدام القوات شبه العسكرية في هذه الحرب، يقول الخبراء ان روسيا غير مرتاحة لهذا التدبير ولكنها تؤمن بجدواه. شكّلت هيكلية المنظومة الأمنية الأوروبية خيبة أمل لروسيا التي تعتقد ان الغرب لم يعطها حقها على الرغم من عدم اعتراضها على فرض عقوبات ضد ايران ودعمها له في حربه في افغانستان. لذلك فهي تستخدم علاقتها مع قوى اقليمية كوسيلة لاجبار الغرب على احترامها. الى هذا، وبسبب قرب روسيا الجغرافي من المنطقة، فهي لا ترغب باندلاع حرب اقليمية في الشرق الأوسط وهذا ما يبرر خوفها الشديد من ترسانة الأسلحة الكيماوية التي كان يمتلكها النظام لجهة أن يؤدي استعمالها الى حرب اقليمية شاملة.
بالنسبة الى التنافس الروسي – الايراني، هدف البلدين الأساس في هذه المرحلة هو حماية الأسد على الأقل في شمال غربي البلاد. لا يوجد حاليا أي خلافات جوهرية حول أهدافهما في سوريا ولن يطفو أي خلاف محتمل بينهما على السطح إلاّ بعد انتهاء الحرب. العلاقة بين ايران وروسيا هي من وجهة نظر روسية زواج مصلحة وهي قابلة للتغير في ضوء علاقة روسيا مع الغرب.
أما عن العلاقة بين روسيا وادارة ترامب، ومن المتوقع ان يعقد الرئيس الأميركي اتفاقات مع قادة دول أخرى، إلاّ أنه يجب التنبه الى موقف مستشاره للأمن القومي المتشدّد ضد الاسلام وبشار الأسد وايران. ان رؤية ادارة ترامب الجديدة لروسيا تعتبر عنصرا مهماً في تحديد سياستها تجاه سوريا. ومن غير الواضح اذا كان أعضاء حكومة ترامب سيتمسكون بالرؤية الأميركية التقليدية تجاه روسيا. روسيا لا تتحكم بمفردها بمجريات الأمور في سوريا وهي لا تسيطر إلاّ على نصيبها من العمليات العسكرية ومن المرجح ان يتساءل نفوذها أكثر بعد عودة النظام الى الحكم.
في ١١ كانون الأول ٢٠١٦، عقد في بيت المستقبلمؤتمر حضره اللاعبون الخارجيون في سوريا، انطلاقا من فندق لانكستر في بيروت، شاركت فيه مؤسسة كونراد أديناور لبحث الأزمة التي شملت دول المنطقة، وتحديد أدوار اللاعبين الاقليميين والدوليين، وتحديد أدوار سوريا في ذلك الصراع.
انطلاقا من هذه الأسباب العامة، ومن منظور عسكري هدف التدخل الروسي في سوريا والحملة الجوية الواسعة النطاق التي تشنّها الى حماية مناطق سيطرة النظام والطريق بين درعا ودمشق بما في ذلك حمص، حماه وإدلب، حيث انهارت قواته في تشرين الأول / أكتوبر من العام الماضي، اضافة الى حماية الطريق بين حلب وتركيا. مع سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام داعش على نهر الفرات والمرافق النفطية، بدت التكتيكات التي اعتمدتها روسيا تفتقر الى الدقة، إذ قصفت مناطق تسيطر عليها المعارضة ومن الصعوبة بمكان معرفة من قام بقصف مكان معيّن أهي القوات الروسية أم قوات النظام. كانت روسيا تفضّل ان تكون علاقتها مع النظام السوري علاقة بين جيشين، إلاّ أنها أدركت ان الاعتماد على قوات النظام غير كاف بسبب افتقار هذه القوات للتدريب اللازم، ولذلك لجأت الى التعاون مع ايران وحزب الله. وعلى الرغم من المستنقع الذي وجدت نفسها تعوم فيه، نجحت روسيا في تحقيق هدفها وأنقذت نظام الأسد. الى هذا، حدّ تدخل روسيا في النزاع السوري من حصول أي تدخل أجنبي آخر ودفع بالقوى الاقليمية الى أخذها على محمل الجدّ ويعتبر ذلك انجازا روسيا مهما. ومع الغموض الذي يلفّ رؤية الرئيس الأميركي دونالد ترامب للنزاع الدائر في سوريا، هناك ثلاثة سيناريوهات لمسار الأزمة السورية.
ان ينجح النظام في استعادة السيطرة على البلاد: سيتطلب ذلك وجودا ايرانيا كبيرا في سوريا ولا يمكن تحقيق ذلك خلال العام المقبل.