كم تبدو حياة اللبنانيين اليومية قاتمة وموحشة.
نظراتهم منكسرة. ذلّ يحاصرهم في كل مكان: في المصرف. في السوبرماركت. في المكتبة. في المستشفى. في غرف النوم.
ولا شيء يلهي اللبنانيين عن حاضرهم المقيت سوى مشاهدة “أربع مجانين وبس” أول السهرة، وان يجاهدوا زراعياً بين أثلام اللوبياء ومساكب الكزبرة في ساعات الفجر الأولى، لكن ما يلهي ويسلّي أكثر من بزر البطيخ تناقل بعض الطرائف الطالعة من هنا وهناك، حتى لو جاءت على لسان خبير عسكري واستراتيجي لا ندّ له في الصين ولا في دول حلف الناتو: العميد المتقاعد أمين حطيط.
حدّق بوجه العميد جيداً. إن فيه من الصرامة ما في وجه النائب محمد رعد حين يكزّ على أسنانه. وفيه أيضاً ما يذكر بوزير الإعلام العراقي السابق محمد سعيد الصحّاف. وفيه غرور وكبرياء. مع تقاعده من الجيش في العام 2004، تموضع حطيط في خط الممانعة، منظراً لانتصاراتها غير المسبوقة في سوريا واليمن وفلسطين، وشامتاً بأميركا المضعضعة ذهنياً وإسرئيل المنهارة نفسياً.
وغني عن القول أن سيادة العميد مرجع في مجال الطيران العسكري والصواريخ السوبر ذكية. أعطه صاروخ “عماد” البالستي القادر على حمل رأس نووي يحلّله. يدرسه بنصف ساعة. يشرّحه يفصفصه. يفرطه يركبه متل الـ”أم سكستين”.
إسأله عن عمل عسكري معادٍ بعد دقيقة وربع من حصوله، يعطيك ما تحتاجه من تفاصيل وخلفيات وما سيتركه من انعكاسات ويرسم لك سيناريوات الرد. وآخر خبطة للعميد (أو الفيلد مارشال) حطيط تحليله العميق للضربات الجوية التي طاولت إيران. فكتب:
“إيران تستدرج اسرائيل وأمريكا لضرب مواقع إيرانية وهمية خالية لدراسة مدى تأثير وفعالية الأسلحة الأمريكية والدمار الذي تخلّفه”.
ولك تسلملي تحليلاتك.
إستناداً إلى التحليل مع كل ضربة يُضاف فصل جديد على الدراسة. يعني ما حدا مبسوط بضرب إسرائيل للمواقع الإيرانية وما حدا ممنون أكتر من إيران نفسها.
العميد حطيط، الذي رسم في الأمس البسمة على وجوه قرائه، أضحكهم قبل سنة يوم تحدث عن أهمية صاروخ إيراني معروض على لبنان، “القادر على ملاحقة الطائرات العدوة حتى تل أبيب وإسقاطها، وتتفرّع من الصاروخ – الأم في الجو عدة صواريخ في حال وجود أكثر من طائرة بالجو. (صاروخ إنشطاري) والصاروخ الإيراني الذكي (فوق العادة ) بإمكانه إسقاط طائرات إف 16 ويميز بين الطائرات المدنية والعسكرية”، وإن أخطأ الصاروخ الإيراني هدفه وضلّ طريقه لا سمح الله قد يحفر قرب بيت العميد بئراً إرتوازية، ولو سقط في البلوك رقم 9 لطلع الغاز علينا ودخل لبنان فعلياً نادي الدول المنتجة والمصدّرة للنفط!
العميد حطيط جودة وفرادة. قطعة unique. إحذروا التقليد.