IMLebanon

أمين الجميّل وميشال عون وجهان لعملة واحدة  

 

 

لا يمكن لأي مواطن أن ينسى أنّ إنهيار العملة الوطنية التي هي الليرة اللبنانية بدأ في عهد أمين الجميّل وذلك للأسباب التالية:

 

أولاً: الرئيس القوي الشيخ أمين الجميّل جاء بنظرية الجيش القوي، وانتقاماً من الفلسطينيين، أراد أن يرفع عديد الجيش اللبناني الى مئة ألف بين ضابط وعسكري.

 

ثانياً: بدأ أيضاً بشراء أسلحة للجيش اللبناني، إذ أخذ من البنك المركزي 2 مليار دولار (كاش) حملها نقداً معه الى أميركا من أجل شراء أسلحة للجيش الذي ينوي بناء ألويته.

 

ثالثاً: بدأ عهد أمين الجميّل باحتلال إسرائيلي، حيث كان الاسرائيليون لا يزالون في بيروت، وكان ذلك عام 1982، وطبعاً بدأ الانسحاب التدريجي أولاً من بيروت، إذ لم يمكثوا أكثر من 3 أيام بسبب حادثة «الويمبي»، حيث أطلق المناضل خالد عليوان، الرصاص من مسدسه وقتل 3 ضباط إسرائيليين.

 

عام 83 بدأت حرب الجبل، حيث بدأ الجيش الاسرائيلي بالإنسحاب، وبدل أن يأخذ الجيش اللبناني مكانه، ترك أمين الجميّل الميليشيات، وكانت يومها «القوات اللبنانية».

 

وللذكرى كان أمين الجميّل يطلب من الاسطول الأميركي، وخصوصاً من المدمرة نيوجيرسي، أن تقصف قوات جنبلاط والقوات السورية، في جبل لبنان، وكان يرسل لهم ضابط المخابرات سيمون قسيس حاملاً حقائب الدولارات ليدفع ثمن القذائف حيث بلغ سعر القذيفة الواحدة 400 ألف دولار.

 

رابعاً: في بداية عهده كان أهالي بيروت معه، ولكنه ما لبث أن استعمل الجيش ضدهم، وقام باعتقالات بالمئات، من شباب طريق الجديدة، فقامت الدنيا ولم تقعد وانقلبت عليه، ونتذكر هنا 6 شباط 1984 حيث ارتفع سعر الدولار من 3 ليرات الى 6 ليرات طبعاً، ولم يتوقف ذلك الى أن وصل في نهاية عهده في عام 1988 الى فوق الألف ليرة وذلك لأوّل مرة في تاريخ لبنان.

 

لم يترك الكرسي بسلام فذهب في اليوم الأخير من عهده الى سوريا واشترط أن يمدّد له أو أنه سوف يسلم البلاد الى قائد الجيش في ذلك الوقت الجنرال ميشال عون، وهكذا فعل في الساعة الأخيرة من عهده سلم البلد لرئيس الحكومة العسكرية ميشال عون وعصام أبو جمرة وإدغار معلوف في حين استقال المسلمون الثلاثة العميد محمد قريطم والعقيد لطفي جابر واللواء محمود طي أبو ضرغم.

 

في آب 1989 تمّ التوصّل في «الطائف» بمباركة السعودية الى «اتفاق الطائف»، لكن ميشال عون رفض الاتفاق فأقصي  الجنرال من قصر بعبدا ولجأ الى السفارة الفرنسية ثم الى منفاه عام 1991، ليعود في عام 2005 ويدخل المجلس النيابي بكتلة نيابية كبيرة (21 نائباً).

 

وبعد عامين ونصف من إقفال المجلس النيابي وتأجيل موعد انتخاب رئيس للجمهورية اثناء ذلك جرى «اتفاق معراب»، بين ميشال عون والدكتور سمير جعجع، تنازل الأخير عن الرئاسة مقابل اعتماد المناصفة بين «القوات» و«التيار العوني» في الوزارات والنواب، وهذا طبعاً لم يتحقق.

 

وبعد «اتفاق معراب» رأى الرئيس سعد الحريري أنه لا بد من إنتخاب ميشال عون رئيساً، خصوصاً أنّ الأكثرية المسيحية اختارته بالرغم من أنه كان يفضل الوزير سليمان فرنجية، وقد أيّده قبل ذلك علناً.

 

انتخب ميشال عون رئيساً وظننا أنّ عهده سيكون أحسن عهد، في تاريخ لبنان، ولكن للأسف اصطدمنا بالتوريث كما حصل مع الرئيس حسني مبارك الذي خسر الرئاسة بسبب نيّته توريث ابنه علاء. بعدها 3 سنوات قضاها الرئيس سعد الحريري في رحلة العرقلة والعذاب والتأجيل، وعدم حل أي مشكلة أو أي تعيين لأنّ جبران باسيل يريد كل شيء، فهو يريد كل النواب المسيحيين، فاختلف مع د. سمير جعجع وتكرر الموقف بالنسبة للوزراء، فكل حكومة بحاجة الى سنة لتتشكل، أما المصيبة الأكبر فهي التعيينات، فبالرغم من مؤتمر باريس «سيدر» وقرار 40 دولة و10 منظمات دولية تقدّم قروضاً بـ12 ملياراً الى لبنان لإنقاذه من الوضع الاقتصادي المتدهور، ورفض جبران باسيل تعيين مجلس إدارة للكهرباء والهيئة الناظمة، وهكذا وقعت المصيبة فكل هذا الإخفاق في العهد القوي أدّى الى ثورة 17 ت1 ثورة على الرئيس، ثورة على العهد القوي، ثورة على النواب، ثورة على الحكومة… ولأوّل مرة يرفع العلم اللبناني فقط من دون أي علم حزبي، والأهم من هذا وذاك الثورة الوطنية التي جمعت كل شرائح الشعب اللبناني، كل هذا وكما حصل في عهد أمين الجميّل جاء تدهور العملة اللبنانية الوطنية… ويبدو أنّ عهد ميشال عون يكرر ما حصل في عهد أمين الجميّل… وإن شاء الله لا ينجح، ولن ينجح.