أحمد الأسير أميراً لـ«داعش». وقع الخبر يكاد يكون مفاجئاً للوهلة الأولى، لكن من يتتبع «المسار الفكري» لإمام مسجد بلال بن رباح، يدرك أن الرجل قبل أحداث عبرا لم يعد هو نفسه بعدها. لا شيء يؤكد خبر تولي الأسير إمارة فرع التنظيم الأكثر تطرّفاً في العالم سوى ترجيحات أمنية، لكن اليقين أن الرجل أوغل في التطرف، أكثر فأكثر، منذ تواريه عن الأنظار، ولا سيما بعد اعتزاله الناس ومعاناته مع مرض السكّري.
منذ أشهر، كان يُتداول في الأوساط الإسلامية الضيقة أن الأسير بات مقرباً من «جبهة النصرة». كانت المعلومات تتحدث عن إجراء الشيخ الفارّ مراجعة تصحيحية لمنهجه الذي كان «يحمل الكثير من الشوائب»، مقارنة بمنهاج «الحركات الجهادية». وكان يعزز هذا التوجه موالاة مناصري الأسير لـ«النصرة»، فرع القاعدة في بلاد الشام. كذلك الاحتضان الذي لاقاه الأسير في مخيم عين الحلوة. حينها، لم يكن تنظيم «الدولة» قد حصّل شهرته التي يحوزها اليوم مقارنة بشهرة «النصرة». وعزز ذلك، توجه عدد من جماعة الأسير للقتال إلى جانب «النصرة» في القلمون. فما الذي جرى لينقلب الأسير من هوى أبي محمد الجولاني إلى هوى أبي بكر البغدادي؟
تكشف معلومات خاصة أنّ التحوّل عند الأسير بدأ منذ عدة أشهر، مشيرة إلى أنّه تغيّر فكرياً ودينياً. ورغم عدم وجود معلومات مؤكدة عن مكان اختبائه، تفيد معلومات أمنية بأنه خرج إلى إحدى بلدات البقاع، لكنه لم يُغادر لبنان كما سبق أن تردد. وفي المقابل، تكاد تجزم مصادر أمنية متابعة لملفه بأنه لا يزال داخل المخيم ولم يخرج منه قط. وبحسب المعلومات، فإن «البيئة التي تحتض الأسير في المخيم توالي الدولة الإسلامية»، وأن أبرز هؤلاء هم: «نعيم النعيم ويوسف شبايطة والمدعو أبو عائشة الذين بايعوا الدولة». وتستند المصادر إلى هذه المعلومات للقول بأن «هؤلاء كان لهم تأثير كبير على الأسير وربما أقنعوه بصدق منهجهم»، علماً بأن الثلاثة المذكورين هم من ضمن مجموعة تدور في فلك تنظيم «الدولة» داخل مخيم عين الحلوة تضم: جمال رميض المعروف بـ«الشيشاني» وشادي صبحة وأبوحمزة مبارك وأبو طارق مبارك ومحمد جمعة.
وإذ ترى المصادر أن «أفكار الأسير لا تتناسب مع النصرة»، على الرغم من أن معظم أتباعه لا يتّفقون مع «الدولة»، إلا أنها تعتبر أن «القاعدة الشعبية للشيخ ورمزيته لدى أفراد ينتمون إلى مختلف عائلات صيدا، فضلاً عن شهرته الواسعة في لبنان، تجعل من انضمامه إلى صفوف التنظيم فرصة لاستقطاب المئات إلى هذا الخط». بناءً عليه، تُرجّح المصادر أن هناك اتجاهاً قوياً لتنصيبه أميراً لـ«الدولة الإسلامية/إمارة لبنان»، متقاطعة بذلك مع المعلومات الأمنية المتداولة.
من جهة أخرى،عينت قيادة تنظيم «الدولة الإسلامية» الشيخ ابو اسامة البانياسي، اميرا لإمارة القلمون، خلفا لأبو عبدالسلام الأردني، علما أن الاول مقرب من «جبهة النصرة»، حاله كحال أول أمراء التنظيم في هذه البقعة أبو عبدالله العراقي الذي كان رفيق درب أبي مصعب الزرقاوي وصديق أمير ا»لنصرة في القلمون» أبو مالك التلي. وعلمت «الأخبار» أنه جرى استبعاد «أبو الوليد المقدسي» الذي كان موفدا شرعيا من قيادة التنظيم في الرقة بعدما فشل في نظم أمر المسلحين تحت قيادة موحدة، علما أن المقدسي، وهو أردني الجنسية، كان يكن العداء لـ «النصرة».