Site icon IMLebanon

بيان واقعي لرغبات غير واقعيّة

 

 

ذكّرنا البيان الصّادر يوم الإثنين الماضي في العاصمة الأردنيّة عمّان ببيانات اجتماعات اللجان العربيّة التي كانت تنعقد من أجل وضع حدّ لجولات العنف في لبنان ورسم آفاق تبعث الأمل فيما كان الواقع حينها يؤكّد أنّها أمنياتٌ ورغباتٌ عربيّة صادقة إلّا أنّها مجرّد حبر على ورق لأنّ الأطراف المعنيّة بتنفيذها لم تكن ترغب أو كانت عاجزة عن تنفيذها، ليس فقط كحال لبنان في زمن الحرب بل وزمن السِّلْم أيضاً تماماً مثلما انتهى  إليه الوضع في اليمن وليبيا والسّودان!

 

عمليّاً البيان الذي تحدّث عن أولوية إنهاء الأزمة وكل ما سببته من قتل وخراب ودمار عبر حل سياسي يفضي إلى خروج جميع القوات الأجنبية غير المشروعة منها لم يقدّم حتّى آلية لتنفيذ هذا الخروج لقوات إيران التي احتلّت سوريا وتعمل على نشر التشيّع فيها على قدم وساق والتي استقدمتها من باكستان وأفغانستان والعراق وإيران واليمن وعلى رأس هؤلاء كلّهم ميليشيا حزب الله من لبنان الذي قاد كلّ هؤلاء، الوجود الرّوسي استراتيجي وشأن مختلف تماماً عن الميليشيات الإيرانيّة، هل فعلاً سيخضع حزب الله ويغادر الأراضي السوريّة فوجوده عامل إرهاب وتقتيل وتدمير وتغيير ديموغرافي لطبيعة سكّان المناطق السوريّة، هل فعلاً سيسلّم حزب الله وينسحب من سوريا بعدما ظلّ سنوات يخدع بيئته في لبنان مختبئاً خلف شعار «لن تسبى زينب مرّتيْن»؟!

 

يتحدّث البيان عن «العودة الطوعية والآمنة للاجئين إلى بلدهم هي أولوية قصوى ويجب اتخاذ الخطوات اللازمة للبدء في تنفيذها فوراً» وعن «تكثيف العمل مع المجتمع الدولي والأمم المتحدة للدفع نحو تسريع تنفيذ مشاريع التعافي المبكر، بما في ذلك في المناطق التي يُتوقع عودة اللاجئين إليها»، النّوايا في البيان طيّبة ولكن التساؤلات مشروعة وبديهيّة: أيّ عودة والمجتمع الدّولي و»الأمم» ومفوضيّة اللاجئين تمارس على لبنان ضغوطاً تفوق قدرة احتمال أي بلد في وضعه وتبتزّه بشكلٍ لا أخلاقي إلى أبعد الحدود وتسعى لإجباره على الإبقاء على وجود الداخلين خلسة ومرتكبي الجرائم وتجّار الرّقيق الأبيض ومهرّبي البشر والمخدّرات والمتفجرات في الوقت التي تعلن فيه دول أوروبا عن ترحيل اللاجئين لأنّ الحرب انتهت في مناطقهم!

 

النوايا العربيّة صادقة، ولكن هل نوايا بشّار الأسد ونظامه وميليشيات إيران كذلك؟ نشكّ في ذلك كثيراً، لذا أخشى ما نخشاه أن يلقى الحديث عن كون «هذا الاجتماع بداية للقاءات ستتابع لإجراء محادثات تستهدف الوصول إلى حل الأزمة السورية، ينسجم مع قرار مجلس الأمن 2254» نفس مصير اللقاءات والاجتماعات وقرارات مجلس الأمن الدولي بشأن لبنان من القرار 425 إلى القرار 1559 وصولاً إلى القرار 1701!

 

كان الله في عون العرب، فنواياهم الصادقة بشدّة وبإخلاص قد لا تجد من يسعى لتحويلها إلى حقيقة، لطالما طغت «الخبثنة» و»الاحتيال» على النّظام السوري وسلوكه في لبنان والمنطقة فكيف إذا اجتمعت معه «التقيّة» الإيرانيّة المخرّبة والمجرّبة؟!