IMLebanon

بين الدماء… والمكابرة!

 

 

لبنان لن يكون أمام حرب أهلية حتماً. ظروف هذه الحرب غير متوافرة على الإطلاق، ولا دليل أنصع على ذلك من اعتبار جميع اللبنانيين، على اختلاف انتماءاتهم الطائفية والمذهبية والحزبية والسياسية، أن علاء أبو فخر هو شهيد لبنان أجمع بكل طوائفه وأحزابه.

 

هكذا ستتحوّل دماء أبو فخر فخراً للثورة اللبنانية ووقوداً لوحدتها وثباتها واستمرارها. لن ينجح أحد في جرّ الثورة إلى منزلقات رغم بعض الهفوات الموجودة.

 

لم ولن تنفع كل محاولات جرّ الشارع إلى حفلة جنون دموية. دماء أبو فخر وحّدت اللبنانيين الثائرين وأمّنت تعاطفاً وطنياً، كما أن الممارسات الميليشيوية في وسط بيروت يوم استقالة الرئيس سعد الحريري، قابلها الثوار بإعادة إحياء الثورة في الساحات بعد دقائق على الهجوم الهمجي. فليكفّ المعنيون عن محاولات العبث بالشارع لأنها لن تنجح، وليتوقف المسؤولون عن المكابرة، بدءاً بفخامة رئيس الجمهورية الذي أطلّ في مقابلة خاطئة في التوقيت والمضمون والأسلوب، فالتبجّح بأخبار تاريخه لن يؤمن مستقبلاً للبنانيين، وتهرّبه من الدعوة إلى استشارات نيابية ملزمة تحت شعار انتظار أجوبة لا يؤمن حلاً للأزمة الخطرة، ودفاعه المستميت عن الوزير جبران باسيل وعن “حزب الله” استفزّ اللبنانيين تماماً كما استفزتهم الدعوة الملتبسة ليهاجروا!

 

لكن المكابرة الأساس هي التي يمارسها صاحب السلطة والقرار الفعلي، أي “حزب الله” بنفسه وعلى جميع اللبنانيين منذ العام 2005، على الأقل يوم استهزأ بالتظاهرات السيادية ودعا السيد حسن نصرالله المصورين لأن يعملوا “زوم أوت” في تظاهرة 8 آذار، مروراً بحرب تموز التي كلّفت اللبنانيين الكثير على قاعدة “لو كنت اعلم”، ومروراً أيضاً بـ7 أيار 2008 واجتياح بيروت والجبل ونقل لبنان من عصر “الطائف” إلى عصر “الدوحة” وتعطيل المؤسسات، وبالقمصان السود في كانون الثاني 2011 لتحقيق الانقلاب الأول على المؤسسات ومحاولة حكم اللون الواحد، وصولاً إلى الاستقواء بتحوّل “الحزب” إلى قوة عابرة للحدود تقاتل في سوريا وتدرّب في اليمن والعراق، وتهاجم السعودية والإمارات ما أدى إلى إحجام المجتمعين العربي والدولي عن تقديم أي مساعدة للبنان. مكابرة “الحزب” وصلت إلى اعتبار أنه لا يتأثر بالعقوبات الأميركية وأن أمواله تأتي من إيران، متناسياً أن إيران تأثرت بالعقوبات فشحّت أموال الحزب، ومكابرته هذه أدت إلى ضرب الواقع المالي والاقتصادي للبنان، وصولاً إلى تحدي اللبنانيين الثائرين بالشارع مقابل الشارع، وبإرسال شبان لتنفيذ اعتداءات، وليس انتهاء بتعطيل أي إمكانية لتشكيل حكومة من التكنوقراط كما تطالب الأكثرية الساحقة من الشعب اللبناني بعيداً من المحاصصة السياسية والحزبية! دماء علاء أبو فخر سقطت في ثورة مطلبية دفاعاً عن حقوق اقتصادية واجتماعية، وهي دماء محض لبنانية افتدت ثورة فتية عمرها 28 يوماً تحمل عناوين مطلبية بحتة، ولن ينجح “حزب الله” في تسييلها في سيناريوات معارك إقليمية كان أعلن استعداده لإشعال المنطقة خلالها دفاعاً عن إيران، وها هو “الحزب” يشعل لبنان وماليته واقتصاده ومستقبل أبنائه إرضاءً لتعليمات “قائده” السيد علي خامنئي!