Site icon IMLebanon

سقوط الخط 29 وترقّب لتوافق الرؤساء

 

دمج الوسيط الأميركي في المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل على ترسيم الحدود البحرية، بين هذه المهمة وبين مسألة تأخر تمويل البنك الدولي لخطوتي استجرار الغاز من مصر عبر أنبوب الغاز العربي عن طريق سوريا لتزويد محطة دير عمار لتوليد الطاقة الكهربائية، واستجرار الكهرباء من الأردن عبر سوريا أيضاً.

 

قال بوضوح إن إقرار البنك الدولي لقرض تمويل هاتين الخطوتين يحتاج إلى أن ينفذ لبنان بعض الشروط أولاً، وهي تطبيق بعض الإصلاحات التي باتت معروفة، بموازاة العمل على الأرض من أجل إصلاح أنبوب الغاز على الأراضي اللبنانية. فمن دون تعيين أعضاء مستقلين في الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء، وتغيير مجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان ومراقبة من يستفيد من العقود التي ستُبرم… لن يقرر البنك الدولي صرف أي قرض يتعلق بالغاز المصري. هو لم يقل إن تأخير منح مصر إعفاءً من عقوبات قانون قيصر سببه سياسي. لكن حين يقلل هوكشتاين من أهمية المخاوف والتحذيرات في الكونغرس الأميركي من سماح واشنطن بتطبيع العلاقات مع النظام السوري وتخطي عقوبات قانون قيصر على التعامل معه، فلأن الأولوية حسب توصيفه هي الحؤول دون تحول لبنان إلى دولة فاشلة بالكامل إذا انقطعت الكهرباء نهائياً، لأن تصحيح الوضع الاقتصادي فيه غير ممكن من دون الكهرباء. وهذه الأولوية تستحق «المخاطرة» بتمرير الغاز المصري عبر سوريا. والمخاطرة تحتاج قراراً سياسياً. وسيكون تطبيق الإصلاحات اختباراً أولياً ليجري بعدها تنفيذ عقد استجرار الكهرباء من الأردن.

 

كان واضحاً مما قاله هوكشتاين أن الحل المستدام وعلى المدى البعيد هو في تحضير البلد لاستخراج الثروة النفطية والغازية في عرض البحر، وبالتالي الإسراع في إنجاز الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية حيث على المسؤولين اللبنانيين أن يقبلوا بالمساومة «من أجل الربح» حيث «لن تكون هناك خسارة» بإنجاز الترسيم، لأنه يطلق عمل الشركات في الاستكشاف والتنقيب والاستخراج.

 

أما في ما يخص السلطة الحاكمة، فإن السحر انقلب على الساحر. وبدلاً من أن تضغط لعبة الابتزاز التي مارسها البعض في لبنان عبر رفع سقف المطالب، من أجل المقايضة على مطالب سياسية لا علاقة لها بالغاز والنفط والحقوق اللبنانية من نوع رفع العقوبات عن هذا أو ذاك أو إقحام الخط البحري بمستقبل انتخابات رئاسة الجمهورية… فإن الجانب الآخر المفاوض بات يضع الشروط طالما أن لبنان بحاجة ماسة إلى الطاقة الكهربائية من جيرانه. والبعض يقولها بصراحة: لن يحصل لبنان على الغاز المصري، والكهرباء الأردنية من دون أن يسهل الاتفاق على ترسيم الحدود من جهة، ومن دون أن يقوم بالإصلاحات في القطاع والتي يقاومها حكامه منذ سنوات.

 

من جهة أخرى أفضت جولة هوكشتاين التفاوضية الأخيرة التي يمكن وصفها بـ»الاستكشافية» إلى الآتي:

 

– لم يحصل أي حديث مع المسؤولين اللبنانيين عن الخط 29 لا من قبل من لوحوا به ولا من قبل من يرفضونه. الجميع تعاطى معه على أنه سقط وكان للمناورة. وحين قيل في السابق إنه «للتفاوض» جرى استبعاده لأنها كانت مناورة ضعيفة. والدليل أن قائد الجيش العماد جوزاف عون ترك أمر الحدود للسلطة السياسية، بعد أن طلبت منه الإصرار على الخط 29 لتتنازل عنه مقابل بعض الأوهام.

 

– البحث جرى في المساحة التي تقع بين الخط 1 والخط 23، أي الـ 864 كلم² التي يعتبرها لبنان حقه، ويسعى هوكشتاين إلى رسم الخط الذي يضمن ذلك الحق. وهي مساحة تشمل حقل قانا في البلوك 9 المتداخل مع المنطقة الإسرائيلية. والمبدأ المتفق عليه هو أن لا آبار مشتركة مع إسرائيل منعاً لولوج اقتراحات من نوع أن تتولى شركة للتنقيب والاستخراج توزيع الإنتاج بين البلدين كي لا يعتبر تطبيعاً مع العدو…

 

– قدم هوكشتاين عرضاً لرسم خط الحدود البحرية، لا يحصل فيه لبنان على كامل المساحة التي يصر عليها، لكنه يحصل على حقل قانا وينتظر الأجوبة. وفيما طلب منه رئيس البرلمان نبيه بري، الذي اعتبر أن هناك تطوراً جدياً في التفاوض، أن يأتيه بخريطة واضحة للخط الذي يقترحه، ينتظر هوكشتاين أن يتوافق الرؤساء الثلاثة على الموقف من عرضه، كي يعود.

 

– لبنان أمام 3 إلى 4 أشهر مصيرية، يفقد في نهايتها القدرة على تمويل أبسط حاجياته. أما إذا حصل الترسيم فيصبح في موقع القادر على توظيف آفاق استخراج الثروة النفطية بعد بضع سنوات من أجل الاستدانة. كما أن المستجدات الإقليمية والدولية ومنها احتمال قرب حصول اتفاق في فيينا واحتمال خفض التوتر في المنطقة تستدعي من لبنان ملاقاتها.