IMLebanon

“قِبَّة هوكشتاين الحديدية” جُهِّزت لـ”حزب الله”

 

 

ثمة توقيت دقيق اختارته الولايات المتحدة لتحريك أساطيلها وديبلوماسييها معاً في الشرق الأوسط. فقد ترددت معلومات في أوساط دولية عدة عن نية محور إيران و”حزب الله” تنفيذ رده المنتظر قريباً على إسرائيل. ولذلك حصل الاستنفار الأميركي، وعلى الأرجح بالتنسيق مع إسرائيل.

على مدى أسبوعين، انكب محور إيران – “حزب الله”، بكثير من التأني، على درس طريقة الرد على اغتيال فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت واسماعيل هنية في طهران. فهذا الرد يجب أن يكون كبيراً ليثبّت “توازن الرعب” الإقليمي بين الطرفين، شرط أَن لا يستدرج بنيامين نتنياهو إلى رد جديد أقسى أو إلى تفجير حرب إقليمية.

المشكلة التي تربك المحور هي أن أي رد كبير قد تعتمده إيران و”الحزب” سيمنح نتنياهو ذريعة لجرّ المنطقة والقوى الدولية إلى حرب واسعة. ولكن عدم الرد، في المقابل، يشكل إرباكاً أكبر للمحور، إذ يُظهره ضعيفاً: أولاً أمام القواعد الشعبية الموالية والمعارضة في إيران ولبنان وسواهما، وثانياً أمام إسرائيل التي ستجرؤ على تنفيذ عمليات مماثلة في أي لحظة، ما دام المحور يتهيّب الرد.

 

البعض يعتقد أن إيران التزمت التريث في الرد على اغتيال هنية على أرضها، بناء على ضغط أميركي وروسي. إلا أن “حزب الله” يمتلك هامشاً أكبر من المناورة، ولذلك هو ربما يرد في الأيام القليلة المقبلة. وضربات “الحزب” تشكل أذية فعلية لإسرائيل أكثر من ضربات إيران، لأنه على تماس جغرافي معها. وهذا ما دفع محللين إلى الاعتقاد بأن الإسرائيليين هم الذين سارعوا إلى استنفار الأميركيين بهدف تعطيل الرد المحتمل. ويعتبر نتنياهو أنه إذا نجح في تعطيل هذا الرد، فإنه سيكسر هيبة طهران و”الحزب” معاً، وحتى إشعار آخر، إذ سيُظهرهما عاجزين عن الرد.

 

وقد عمد الإسرائيليون إلى التنسيق مع الأميركيين في 3 خطوات، استعراضية على الأرجح ولا فاعلية سياسية لها، وهي:

1ـ أوحى الإسرائيليون باستعدادهم لاستئناف المفاوضات لوقف النار وتبادل الرهائن في غزة. لكن نتنياهو، في الواقع، يرفض أي تسوية هناك ويرغب في مواصلة الحرب حتى حسمها كليا.

2ـ إرسال قطع أساسية من الأسطول الحربي الأميركي إلى البحر المتوسط (حاملات طائرات وغواصات) تحت عنوان واضح هو: تقديم الدعم العسكري لإسرائيل ضد أي كان، سواء من باب الدفاع أو من باب الهجوم. أي إن واشنطن أحضرت العصا إلى الشرق الأوسط لاستخدامها ضد محور طهران عند الحاجة.

3ـ في مقابل العصا، حركت الولايات المتحدة موفديها وديبلوماسييها نحو المنطقة، أي وزير خارجيتها أنطوني بلينكن وكبير مستشاري الرئيس جو بايدن لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكغورك على الخط الفلسطيني والوسيط عاموس هوكشتاين مع لبنان. ومنطقياً، لا يمكن لـ”حزب الله” أن ينفذ تهديده بالرد على اغتيال شكر، فيما هوكشتاين يتحرك على خط الوساطة.

 

ويقول أحد الديبلوماسيين إن الدور الذي يضطلع به هوكشتاين في جولته الحالية هو أشبه بدور القبة الحديدية التي تستخدمها إسرائيل للوقاية من صواريخ طهران و”الحزب”. فوجوده اليوم على خط لبنان – إسرائيل سيضمن تخلي “الحزب” عن فكرة الرد حالياً، وتقليص مستواها إلى الأدنى، إذا قرر تنفيذها لاحقاً.

 

والمثير هو التناقض في موقف الإدارة الأميركية. فهي، بوضوح، تضع قواها العسكرية البحرية والجوية والبرية الأكثر تطوراً في خدمة إسرائيل، فيما ديبلوماسيوها يطرحون أنفسهم كوسطاء محايدين. وهذا التناقض يعني أن واحداً من الاثنين هو مجرد مناورة: إما الدعم العسكري وإما الوساطات السياسية. والأرجح أن الدعم العسكري هو الثابت، لأن واشنطن مستعدة فعلاً للانخراط بأسطولها في أي حرب، دفاعاً عن إسرائيل. وأما الوساطات فليست سوى جزء من المناورة وتقطيع الوقت.