لا يأتي الموفد الاميركي آموس هوكشتاين عادة الى بيروت، إلا ضمن زيارات خاطفة تستمر فقط لساعات، وبعد ان يكون زار “اسرائيل” في جولة مباحثات، يبدأها هناك وينهيها في العاصمة اللبنانية لنقل المواقف. ولا تخلو زيارته في معظم الاحيان من جعبة مليئة بالرسائل التحذيرية من ضربة عسكرية للبنان، وهذه المرة يحمل الرسالة الاخيرة بحسب المعلومات قبل اتساع الحرب، مما يعني انّ هوكشتاين يحمل خيارين: المسعى الديبلوماسي او الحرب المزلزلة التي لا يعرف احد تداعياتها السلبية على المنطقة ككل.
الرسائل سينقلها الموفد الاميركي اليوم الى رئيس مجلس النواب نبيه برّي، ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ووزير الخارجية عبد الله بو حبيب، وقائد الجيش العماد جوزف عون، مع توجيه رسالة غير مباشرة الى محور المقاومة بضرورة فك الارتباط ما بين غزة وجبهة الجنوب، مع علمه المسبق بالجواب، إلا انه سيضع احتمال الانزلاق إلى حرب كبرى مفتوحة ستؤدي الى الويلات والخراب.
ونقل وفق مصادر سياسية مطلعة، بأنّ هوكشتاين سيعيد من جديد المطالب السابقة مقابل ضمانات بعدم إنتهاك الاجواء اللبنانية من قبل” اسرائيل”، مع جديد سيطرحه يشمل مساعدات للجيش اللبناني مع تأمين الكهرباء والغاز من بعض الدول العربية كمصر والأردن، والى ما هنالك، على ان يكون الرد من الجانب اللبناني كالعادة، لان لا ثقة بناقل الرسائل “الاسرائيلية”.
الى ذلك، تتزامن زيارة الموفد الاميركي مع دعوة الولايات المتحدة ومصر وقطر الهادفة الى عقد مفاوضات غداً الخميس إما في الدوحة او في القاهرة، بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار في غزة، والتي لم يوافق عليها كل المعنيين، خصوصاً حماس التي اعلنت عدم المشاركة قبل يومين، ومن ثم بعث رئيس المكتب السياسي للحركة يحيى السنوار رسالة الى الوسطاء العرب، إعتبر فيها أنه إذا كانت “إسرائيل” جادة بشأن المفاوضات وتريد مشاركة حماس، فيجب عليها أولا وقف عملياتها العسكرية في غزة، مع تأكيده المسبق بانّ ” اسرائيل” لن تلبي هذا الطلب، اذ سبق ان اعلنت مراراً انها تهدف الى هزيمة حماس وتأمين عودة الاسرى.
في غضون ذلك ووفق المعلومات، هنالك مسعى مصري لحضور حماس هذه المفاوضات، مع ترويج القاهرة لخطة تهدف الى وقف اطلاق النار، اي انّ المساعي قائمة للوصول الى حل، وافيد في هذا الاطار ايضاً عن حصول تواصل خارجي مع إيران وحزب الله لإرجاء الرد على إغتيال شكر وهنيّة الى ما بعد الخامس عشر من الجاري، بهدف تمرير جولة التفاوض وتوضيح الرؤية العسكرية المتعلقة بغزة، إلا انّ الجواب اتى سلبياً، لانّ الحزب أكد تصميمه على الرد على اغتيال شكر، مما يعني انّ الخطر يداهم تلك المفاوضات، وبأنّ المعنيين لن يكونوا جميعهم حاضرين وموافقين عليها، إلا اذا برزت معطيات جديدة في الساعات الاخيرة قد يكون بعضها سلبياً، في حال جاء الرد الايراني ايضاً حازماً وعنيفاً، مما يعني نسف مسار التفاوض، وهذه حجة مطلوبة ضمنياً عند “الاسرائيليين”.
وعلى الخط الحكومي تتواصل اتصالات ميقاتي مع الدول المعنية بالمنطقة والديبلوماسيين لتجنيب التصعيد ووقف الحرب، من دون ان يحصل على التطمينات المطلوبة، اذ تكتفي تلك الدول بإصدار بيانات تدعو خلالها الى وقف التصعيد العسكري، من دون تحقيق اي شيء وفق ما نقل وزير في حكومة تصريف الاعمال.
في الخلاصة، تبقى الانظار محدقة بما ستؤول اليه المفاوضات يوم غد، فهل سترسم عبر مراحل عدة خارطة طريق جديدة، تبدأ بالحل المنشود منعاً لأخذ المنطقة الى المجهول؟ او ستؤدي الى ما لا يحمد عقباه؟