IMLebanon

هوكستين سيخرج من عين التينة بابتسامة

 

 

اتفاقية وقف إطلاق النار بعيدة، وهي بحاجة إلى أمرين لا ثالث لهما: إما هزيمة علنية لـ”حزب الله” تحت النيران الإسرائيلية. وإما ضربة قوية لإسرائيل تُربك نتنياهو وتعيد خلط الأوراق، ولن يحدث أي من الأمرين قبل تسلّم ترامب الحكم في الولايات المتحدة.

 

يحطّ الضابط الإسرائيلي السابق والرفيع آموس هوكستين ضيفاً ثقيلاً على العاصمة بيروت قريباً، موفداً من إدارته الديمقراطية الأميركية، في محاولة أخيرة لهُ ولإدارته لتحقيق وقف لإطلاق النار بين “حزب الله” وإسرائيل وهو سيخرُج من عين التينة بابتسامة مهما كانت النتيجة، لأنَ وقف الحرب أو عدمه سيكون انتصاراً إسرائيلياً جديداً ووفق شروط رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو. لكن ما يرجّح كفّة فشل المفاوضات، أنّ موافقة “حزب الله” على شروط الورقة الأميركية التي تسلّمها رئيس مجلس النواب نبيه برّي من السفيرة الأميركية في بيروت ليزا جونسون تعني الاستسلام. وما كُشِفَ من هذه البنود أقل وقعاً على ظهر “الحزب” من الذي لم يُكشَف.. فعودة “الحزب” إلى ما وراء الليطاني تعني هزيمته عسكرياً، وتحرّك الجيش الإسرائيلي في البرّ والبحر والجوّ متى رأى ذلك مناسباً، هو أيضاً هزيمة عسكرية لـ”حزب الله”، كما ان نشر الجيش في الجنوب والبقاع، ومنع عودة التسلّح إلى الضاحية الجنوبية لبيروت يمثل هزيمة عسكرية لــ “الحزب”! هذا في البنود وما بين سطورها. أما إسرائيلياً، فنتنياهو لن يقدّم ورقة بهذه الأهمية لإدارة أميركية راحلة ولن يضحّي بعلاقته مع الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب كرمى لعيون نبيه بري! كما أن نتنياهو لن يرضى بأي اتّفاق لا يُنهي “حزب الله” عسكرياً، منعاً لإعادة تكوين قوة عسكرية مستقبلية تشكّل خطراً بعد عشرات السنين على سكان شمال إسرائيل وعلى إسرائيل بحد ذاتها. ولن ننسى أن إيران ستكون موافقة على أي اتفاق لوقف إطلاق النار وهي لن ترضى أقلّه في العلن بإنهاء “حزب الله” عسكرياً! وإذا أردنا أن نذهب إلى الميدان كما يحلو لبعض “الممانعين” القول، فحقيقة ما يجري في الميدان هو  أن إسرائيل تخطت قرية شمع الجنوبية وهي بدأت تطبيق المرحلة الثانية من الاجتياح البرّي ورئيس أركان جيشها هرتسي هاليفي هدّد “حزب الله” من كفركلا بتصريح مصوّر وخلال “استرخاء أمنيّ” في وضح النهار . من هنا تبدو مشهدية التسوية غير جاهزة بعد خصوصاً وأن “حزب الله” لا يزال يُطلق مسيّرات لا يمكن منع وصولها بتطبيق الـ 1701 بل بتطبيق الـ 1559، ما يعني تسليم سلاح “الحزب” إلى الجيش اللبناني وتحويله إلى حزب سياسيّ على غرار الأحزاب الأخرى في لبنان .هذا يعني وبصريح العبارة أن “حزب الله” استسلم.

 

هنا يسأل أي متابع: ماذا سيحلّ ببيئة “الحزب”؟ وماذا سيحلّ بأهالي الضحايا؟ بممتلكاتهم وبيوتهم وأولادهم؟ كيف سيُبلّغ “حزب الله” ناسه بأنه هزمهم لأنه لم يكن يعلم؟ وكيف سيقول لهم انه قتلهم تحت شعارات واهية؟ كل هذه الأسئلة تجعل من اتفاقية وقف إطلاق النار بعيدة، وهي بحاجة إلى أمرين لا ثالث لهما: إما هزيمة علنية لـ “حزب الله” تحت النيران الإسرائيلية والاجتياح البرّي، بغية إقناع بيئة “الحزب” أن شعارات “النصر الإلهي” و”السلاح المقدّس” والفتاوى الإيرانية بالإضافة إلى “طريق القدس” و”رمي إسرائيل بالبحر وتحرير فلسطين”، باتت من الماضي، وإما ضربة قوية لإسرائيل تُربك نتنياهو وتعيد خلط الأوراق، وهذان الأمران يحتاجان إلى وقت طويل ولن يحدث أي منهما قبل استلام ترامب الحكم في أميركا.

 

يبقى أن التفاؤل يفرض نفسه حتى على من يقرأون في حقيقة الأمور لأن بعض الحسابات قد تكون أبعد من القراءة السياسية ولأن لبنان يحتاج إلى وقف لإطلاق النار ليستعيد بعضاً من قدرته على مواصلة الحياة.