Site icon IMLebanon

زيارة عاموس هوكشتاين بين الشكل والمضمون  

 

اعتادت الطبقة السياسية اللبنانية أن تفرح بأي زيارة يقوم بها الى لبنان كبير الموفَدين الأميركيين عاموس هوكشتاين الذي أدّى به تكرار الذهاب والإياب، في مهمة مكوكية، الى نسج شبكة واسعة من العلاقات والصداقات، مع المسؤولين اللبنانيين، في السلطة وخارجها. وكان هذا الموفد البارز قد بدأ نشاطه الوسيط بيننا ودولة الاحتلال الصهيوني، في مسألة الطاقة والاتفاق على تقاسم الحدود المائية بين البلدين، وتوصل بالفعل الى لعب دور كبير في تقريب وجهات النظر بيننا والجانب الآخر… وهو ما يعرفه الجميع وليس فيه أي سرٍّ! ولقد نجح في القيام بدوره كاملاً يومذاك، وهو الدور الذي انطلق من كونه موفداً رئاسياً أميركياً لشؤون الطاقة.

 

في خلال تلك المرحلة، وانطلاقاً من ارتياح الطبقة السياسية الى عاموس وإعجاب غير واحدٍ منهم بما «يتمتع به من كاريسما» (على حد ما قال لنا مسؤول بارز أنشأ علاقة صداقة مع هذا الوسيط الأميركي)، رفعت السفارة تقريراً الى إدارة الرئيس جو بايدن تضمنت، في ذلك الحين، رغبة لبنانية في توسيع نطاق المهمة من شؤون النفط والغاز بين لبنان والعدو، الى نطاق أكثر سعةً ورحابةً، فبدأ الرجل يتناول الأزمة الرئاسية المعقّدة في لبنان، الى أن أضحى عاملاً في شأن المستجدات الخطرة بين لبنان وحكومة نتنياهو بعد انخراط حزب الله في حرب «طوفان الأقصى» غداة ذاك السابع من تشرين الشهير… وباقي التفاصيل معروف على نطاق واسع.

 

الحراك المكوكي بين بلدنا وفلسطين المحتلة داهم عاموس هوكشتاين الذي باتت مهمته في نهايتها، كونه سينتقل الى وظيفة رفيعة لا علاقة لها بمهامه الرسمية في البيت الأبيض، وهو سيباشرها بعد نحو أسبوع في دولة الإمارات العربية المتحدة، وهذا سيفقده حكماً دوره الوسيط، بعدما قيل أن لا مكان له في إدارة كامالا هاريس إذا فازت في الرئاسة، ومن باب تأكيد المؤكَّد أنه لن يكون له دور رسمي إذا أسفرت الانتخابات الرئاسية الأميركية عن عودة دونالد ترامب الى المكتب البيضاوي في واشنطن.

 

من هنا يفهم استعجال عاموس استئناف مهمته (أمس) في لبنان التي ختمها بتصريحات واعدة عن حل لأزمات لبنان يدوم «لأجيال وأجيال»، كما قال من على منبر لبناني، ويدوم «الى الأبد» كما قال من على منبر آخر. ولكنه لم يقل كيف يتحقق ذلك، بل لعلّه أودعه بئرين عميقتين: بئر الرئيس نبيه بري وبئر الرئيس نجيب ميقاتي. ولكن ماذا عن البئر الإيرانية؟!.