«حزب الله» وضع خطة لإعادة الإعمار لا وجود لشركة وعد فيها والأموال تسلّم لمتعهدين
من نافل القول أن زيارة الموفد الأميركي آموس هوكشتاين الى لبنان أمس لمناقشة الاقتراح الأميركي بوقف الحرب، تعتبر على قدر عالٍ من الأهمية، لا بل انها مفصلية على مستوى المحاولات الجارية للوصول الى اتفاق على وقف النار يمهّد الطريق باتجاه تحقيق اتفاق ينهي الحرب الإسرائيلية على لبنان.
واللافت كان الضخ الكبير للجرعات التفاؤلية بإمكانية بلوغ هذا الهدف، ان كان على لسان هوكشتاين نفسه، أو عبر رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي نقل عنه أن منسوب التفاؤل عنده حقق ارتفاعا ملحوظا، وهو ما عنى ان النقاش الجاري حول الورقة يتجه الى تفكيك الألغام الذي زرعها العدو الإسرائيلي في بعض فقراتها، وان ما صرّح به الموفد الأميركي من على منبر عين التينة أوحى بأن هذا المقترح بات شبه مقبولا من الجانب اللبناني، وان الكرة أصبحت الآن في الملعب الإسرائيلي الذي عكست قنواته الإعلامية أجواء معاكسة لتلك التي ظهرت في لبنان، وهو ما يعني ان الحكومة الإسرائيلية تتجه لاتباع أسلوب المناورة في سبيل تحسين الشروط التفاوضية تارة بالنار والبارود، وطورا بالدبلوماسية.
وإذا كان من الصعب الحكم فعليا على نتائج جولة الموفد الأميركي، قبل زيارة تل أبيب ولقاء بنيامين نتنياهو، فان المناخات السائدة ما تزال تحافظ على تفاؤلها المصحوب بنوع من الحذر، وهناك من يرى من المتابعين أن نافذة فتحت وهي تطلّ على إمكانية التوصل الى حل، من دون أن يعني ذلك ان هذا الحل سيكون في قبضة اليد في وقت قريب، فهو ما زال في أول الطريق ويحتاج الى المزيد من النقاش والتمحيص لما احتوته الورقة الأميركية.
بالتأكيد يقع على عاتق واشنطن فعل الكثير لكي تبصر الورقة الأميركية النور من خلال ولادة الحل، وجزء من هذا الفعل هو القيام بالضغط الجديّ والفعلي على تل أبيب للنزول عن شجرة شروطها العالية، وغير صحيح ان الولايات المتحدة تفقد آلية الضغط هذه، فيكفي تجفيف دفعات السلاح التي ترسلها يوميا الى إسرائيل ليجعل الأخيرة تنصاع الى وقف الحرب والوصول الى اتفاق يحكم ذلك.
وفي رأي مصادر سياسية عليمة ان لبنان بات بعد الذي أبداه من ملاحظات أمام هوكشتاين ينتظر ما سيفعله في تل أبيب، فإذا كان المناخ مشابها للذي ظهر في لبنان خلال وبعد زيارته من حيث التفاؤل عندها يمكننا القول وقف الحرب بات قريبا من التحقيق، وفي حال كان العكس فهذا يعني ان إسرائيل أخذت خيار استمرار الحرب، وبالتأكيد فان «حزب لله» سيتعامل مع هذا الخيار بالمثل.
وتؤكد المصادر ان القاعدة الأساسية التي انطلق منها رئيس مجلس النواب في لقائه التفاوضي مع الموفد الأميركي والذي دام زهاء الساعتين، هي ان لا تفاوض على أي حرف يشتم منه انه يمسّ سيادة لبنان، أما بقية الأمور فهي بالنسبة له قابلة للنقاش تحت سقف القرار الأممي رقم 1701، موضحة ان مسألة حرية الحركة لإسرائيل لا نقاش فيها على الاطلاق.
وتلفت المصادر النظر الى ان الأجواء الراهنة تشير الى قُرب التوصل الى اتفاق ما ينهي الحرب، إنما وبما ان الشياطين تكمن دائما في التفاصيل، لا بد وأن يكون هناك مساحة من الحذر وعدم الإفراط في التفاؤل، لأن مثل الحرب القائمة حاليا لا يمكن الوصول الى اتفاق يوقفها بكبسة زر.
وتشير المصادر ان تأجيل موعد إلقاء الأمين العام لحزب لله الشيخ نعيم قاسم كلمته التي كانت مقررة أمس بالتزامن مع وجود هوكشتاين في بيروت يأتي من باب إبداء حسن النيّة لدى «حزب لله»، ولكي لا يكون أي كلام يقوله قاسم حجّة لتحميل الحزب مسؤولية «فركشة» الحل.
وفي اعتقاد المصادر انه في حال جنّ جنونه نتنياهو وذهب الى توسيع رقعة عدوانه، أو تجاوز الخطوط الحمر كضرب بيروت على سبيل المثال، فان غزارة الصواريخ التي سيطلقها «حزب لله» على تل أبيب ومدن رئيسية أخرى لن يستطيع أحد احصائها وهو أمر سيكون موجعا كثيرا للإسرائيليين الذين سيفاجئون بحجم ونوعية وقدرة الصواريخ التدميرية التي ستطلق باتجاه العمق الإسرائيلي.
وتكشف المصادر السياسية الى ان «حزب لله» مرتاح الى وضعه، بدليل انه يعكف على وضع خطة لإعادة الاعمار، إنما هذه المرة لن يكون فيها وجود لشركة وعد، وللإسراع في إعادة الاعمار تقرر أن يطلب من أصحاب كل عقار توكيل متعهد بالاتفاق في ما بينهم وتسلّم إليه الأموال للقيام بعملية الاعمار بعيدا عن أي بيروقراطية قد تؤخّر إنجاز الملفات.