للأزمة المفتعلة التي يعتقد العهد أنّها تُوجّه ضد الرئيس ميشال عون، أسباب أخرى غير مرئية للرأي العام. أحد الأسباب الجوهرية، تعطيل مسار تطوير النفط واستخراجه، كما تقول مصادر التيار، التي تؤكّد أنّ العهد صار مقتنعاً بأنّه يُراد الدفع بالأزمة الاقتصادية في البلاد وشحنها لتعطيل ملف النفط، ولمنع العهد من تحقيق انجاز كبير للبنان.
تعود المصادر الى حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، وتقول، إنّ الجميع كانوا يعرفون أنّ سبب استقالة ميقاتي لم تكن التمسّك بالتمديد للواء أشرف ريفي، بل كان المطلوب وقف مسار النفط، بتوافق بين ميقاتي والرئيس بري والنائب وليد جنبلاط، فقد كانوا يعرفون أنّه متى التزمت الشركات التنقيب والأعمال اللوجستية، لن توقف عملها تظاهرة «موتسيكلات» من هنا أو هناك، ولا تظاهرة مفتعلة على ابواب الشركة، ولهذا كانت الاستقالة.
وتشير المصادر، الى أنّه، ومنذ عام 2013 حتى انتخاب الرئيس عون، توقف مسار تطويرالنفط واستخراجه، وبعد تشكيل الحكومة الاولى للعهد، أُقرّ مرسوما النفط، في الجلسة الثانية للحكومة، وحُدّدت البلوكات العشرة، وتمّت آلية المناقصة لبدء الحفر، وسيبدأ الحفر الفعلي في 15 كانون الاول، من دون تأخير ولو ليوم واحد، وباستثناء ملف النفط، كل شيء جرى تعطيله من ماء وكهرباء واصلاح وادارة، فقط لتعطيل عمل العهد.
تشرح المصادر المزيد عن ملف النفط، فتقول: هناك تفاهم أميركي، روسي، فرنسي، ايطالي، على استخراج النفط. فالروس يعملون من خلال شركة «نوفاتيك»، التي التزمت بناء الخزانات وتأهيل مصفاة الشمال، والاميركيون سيتولون مدّ خط الغاز الى كل معامل الكهرباء، وهم يتعاونون مع الروس في مدّ الانابيب وبناء الخزانات في طرابلس، وشركة «توتال» الفرنسية لديها التزامات، كما شركة «ايني» التي تساهم الحكومة الايطالية بحصّة فيها.
تقول المصادر، إنّ مسار النفط يخضع لحوكمة مُحكمة تواجه الفساد وضعتها النظم الدولية، وبالتالي، لا امكانية لدخول الفساد المحلي الى ملف النفط، لا بالتدخل مع الشركات ولا بتعطيل عملها او ابتزازها، ولا بافتعال مشكلات تعوق عملها، فكل شركة بحجم دولة كبرى من حيث النفوذ والتأثير.
تضيف المصادر: لهذا السبب تعزف بعض القوى السياسية على وتر الازمة الاقتصادية، لتفجيرها في وجه العهد. فلو كان «التيار الوطني» التزم معهم المحاصصة في ملف النفط، لكان الملف أقلع منذ عام 2013.
تكشف المصادر، أنّه جرت محاولة لاحتكار ملف الخدمات اللوجستية، وحصرها بمرفأ عدلون، حين كان الوزير زعيتر يتولى وزارة الأشغال، لكن لم تتمّ الموافقة على ذلك، وتمّ اعتماد مرفأ بيروت، ومطار بيروت، وستتمّ حماية وتسهيل الاعمال اللوجستية بإشراف الجيش اللبناني، وسيعود الأمر حصراً لوزارة الطاقة.
تضع المصادر روزنامة لمسار النفط كالآتي: في 15 كانون الاول يبدأ الحفر في البلوك 4 ، وبعد 100 يوم سيكون التقرير عن كميات النفط التجارية في وزارة الطاقة، واذا كان ايجابياً سيبدأ تطوير الحقل لأربع او خمس سنوات، على أن يتمّ استثمار بدء الأعمال اللوجستية بقيمة 5 مليارات دولار، وكل ذلك سيتم على الشاطئ اللبناني. كما سيتم في شهر شباط حفر أول بئر في البلوك 9 على أن يتبع السيناريو نفسه.
ما يخشى منه التيار، كما تقول المصادر، هو خشية الأطراف الآخرين من ان يؤدي التوتير الاسرائيلي الى التشويش على بدء اعمال الحفر في البلوك 9، وان يتوقف العمل في هذا البلوك، وهذا يعود بالضرر على كل لبنان، لكنه يصيب منطقة تحديداً، ويضع قوى اخرى في خانة رفض القبول بأن يقلع المسار في بلوك ويتوقف في آخر، حتى ولو كان الامر يعود لأسباب خارجة عن ارادة الجميع. ولهذا تؤكّد المصادر انّ الرئيس عون، الذي يعتبر ملف النفط أحد ملفات نجاح عهده، سيبذل كل جهده لبدء التنقيب في جميع البلوكات، لكنه في الوقت نفسه سيواجه الابتزاز وسيصرّ على تحقيق انجاز استخراج النفط، لأنّه ينقل لبنان الى مكانة اقتصادية متقدّمة.