IMLebanon

فيلم أميركي طويل

 

بين الأميركي والإيراني ما يصح فيه أنه فيلم أميركي (هوليوودي) طويل فيه التشويق والإثارة، والخبث والرياء، والواقع والخيال… ولكن فيه أيضاً سوء الإخراج، كون مشاهده الممتدة منذ أكثر من عشر سنوات لم تعد تنطلي على أحد… ففي كل فصلٍ من فصوله باتت الخاتمة شبه معروفة رغم محاولات الإبهار التي يعتمدها المخرج سواء أكان اسمه باراك أوباما الفاشل أم دونالد ترامب المغامر.

 

آخر «إنتاج» المخرج الأميركي: حدثان في عرض واحد: من جهة تكليف باريس وضع خطة عمل بما يشبه جدول أعمال للقاء المرتقب بين الرئيس الأميركي ترامب والرئيس الإيراني روحاني، ومن جهة ثانية تنشيط الحوار مع حركة «طالبان» الاسلامية الأفغانية التي شن عليها الجانب الأميركي حرباً استنفدت جهوداً هائلة وسنوات طويلة وأموالاً طائلة الكثير منها مالٌ عربي!

 

وفي إطار الاتفاق الذي تسعى فرنسا الى التوصل إليه بين واشنطن وطهران تتكثف الاتصالات للضغط على إيران بهدف التراجع عن تلويحها باتخاذ إجراءات إضافية، الخميس المقبل، والانسحاب من إلتزاماتها بموجب «الاتفاق النووي»، لإعطاء فرصة لمبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في النصف الثاني من الشهر الحالي.

 

وأكدت مصادر ديبلوماسية غربية ان مبادرة ماكرون نصّت بداية على تقديم خط ائتمان بقيمة ١٥ مليار دولار أميركي الى طهران، مقابل إلتزام الأخيرة التراجع عن خطواتها التصعيدية، التي بدأت في ٨ أيار، وشملت تخصيب اليورانيوم نسبة تزيد عما جاء في «الاتفاق النووي» لعام ٢٠١٥، ونسبته ٣.٦٧ في المائة.

 

وإذ أبدى الرئيس الايراني حسن روحاني، استعداده لقبول ذلك، فإنّ «الحرس الثوري» تمسّك برفع كامل للعقوبات الاميركية على إيران، كما ان مسؤولين في إدارة الرئيس دونالد ترامب عارضوا هذه المقاربة، ونصحوا باستمرار سياسة «الضغط الأقصى».

 

وتقدمت باريس، بعد ذلك، باقتراح آخر نص على «مرحلية المبادرة»، على أن تبدأ المرحلة الأولى، الجمعة، بحيث لا تنفذ طهران تهديداتها برفع تخصيب اليورانيوم الى نسبة ٢٠ في المائة، ما يعطي فرصة لباريس لإقناع الجانب الاميركي في نيويورك بالموافقة على تقديم دفعة أولى من خط الائتمان، وقدرها ٥ مليارات دولار، وأوضحت المصادر ان المرحلة الثانية ستكون بتقديم ١٠ مليارات دولار مقابل عودة طهران الى إلتزاماتها بـ»الاتفاق النووي»، كما كان قبل ٨ أيار الماضي، على ان تتضمن المرحلة الثالثة التفاوض مع إيران حول دورها الإقليمي، وأوضحت ان الجانب الاميركي يريد وضع «سلوك إيران المزعزع ودور »حزب الله« والصواريخ الباليستية على جدول التفاوض، فيما وافقت إيران مبدئياً، على الحديث عن الوضع الإقليمي من دون ذكر للملفات».

 

ولقد استمر عرض الفيلم الأوّل الذي انتهى مع باراك أوباما بعد عشر سنوات وبمشاركة مجموعة الـ5+ واحداً، فينتظر أن يستمر عرض الفيلم الحالي فترة زمنية أقل، كون ترامب مستعجلاً تحت ضغط المعركة الانتخابية الرئاسية.

 

أمّا على صعيد العلاقة بين الاميركي و»طالبان» فقد قال مسؤولون كبار على دراية بالمحادثات: إنه من الممكن توقع التوصل الى اتفاق للسلام في نهاية الجولة الثامنة للمحادثات، مشيرين الى أنه سيؤدي الى سحب القوات الاجنبية من البلد الذي تطحنه الحرب، وكان زلماي خليل زاد، المبعوث الاميركي للسلام في أفغانستان الذي يعقد اجتماعات مع قادة من «طالبان» منذ العام الماضي، كان قد تحدث في قطر قائلاً: «وصلت الى الدوحة لاستئناف المحادثات مع طالبان، نسعى الى اتفاق للسلام وليس اتفاقاً للانسحاب»، مضيفاً ان طالبان أشارت الى انها قد تبرم اتفاقاً، وتابع «نحن مستعدون لاتفاق جيّد».

 

وثمة سؤال يفرض ذاته: وماذا عن عشرات آلاف الضحايا في أفغانستان ذاتها… وأيضاً في سوريا والعراق؟ وماذا عن مصير الشعب السوري؟ بل ماذا عن مصير سوريا البلد الذي كان رقماً صعباً في المنطقة فتحوّل الى أرض محروقة وشعب مقتول أو مهجّر أو تائه في خضم المعاناة الهائلة؟!.