الانتظار سيد الساحات دوليا واقليميا ومحليا. في الاولى انتظار لخطاب رئيس الحكومة “الاسرائيلية” بنيامين نتنياهو امام الكونغرس الاميركي، واجتماعه اليوم مع الرئيس جو بايدن، قبل ان يلتقي غدا غريمه دونالد ترامب، مع ما يمكن ان ينتج عن ذلك من قرارات اولها انطلاق المرحلة الثالثة من حرب غزة. وفي الثانية ترقب وانتظار لمصير مفاوضات غزة، التي عرقلها على ما يرى البعض، اعلان الاتفاق الفلسطيني-الفلسطيني على حكومة وحدة لادارة القطاع بعد الحرب، لن ترى النور وفق كثيرين. اما على الساحة اللبنانية فضغوط ديموقراطية لتمرير انتخابات رئاسية على قياس 2017، يجهد الجمهوريون لنسفها، فيما جبهة الجنوب معلقة على اتفاق ترامب- نتانياهو، ارتباطا بموقفهما من طهران.
الشلل الداخلي معمم سياسياً ومؤسساتياً وحوارياً وتشاوريا، خرقته الحلقة الثالثة من سلسلة “هدهد”، التي اخترقت في عمق قاعدة “رامات دافيد” الجوية “الإسرائيلية”، والتقاط الفيديوهات والصور للمكان، في رسالة هذه مباشرة للاميركيين للمرة الثانية، حيث واضح ان حزب الله تقصد وقت نشر الفيلم، في محاولة جديدة “لحشر” رئيس وزراء “اسرائيل” امام الكونغرس وامام الادارة.
وعلى وقع الخيبة التي اصيب بها بعض اللبنانيين، مع اعلان المرشح الجمهوري عن موعد لقائه برئيس الحكومة “الاسرائيلية” بنيامين نتانياهو يوم الجمعة بناء على طلب الاخير، كشفت مصادر ديبلوماسية ان مفاجأة ترامب اعادت الزخم الى الزيارة “الاسرائيلية” التي كانت فقدت الكثير من قيمتها ورونقها، مع انسحاب الرئيس جو بايدن من السباق.
وتابعت المصادر بان اللقاء مع ترامب جاء لمصلحة الطرفين، حيث يبدو ان حملة ترامب نجحت في استقطاب “اللوبي اليهودي” الى حد كبير، واكثر منه اللوبي الكاثوليكي، الذي بفقدانه يخسر الديمقراطيون اي فرصة بالانتصار، وقد اعادت المراجع هذا الانتقال الى سياسية الفاتيكان غير المرتاحة لادارة الديموقراطيين للملفات في المنطقة، وسعيهم لاقامة تحالف اقليات على حساب المسيحيين، خصوصا في لبنان.
وكشفت المصادر ان لوبيا جمهوريا قويا داخل الادارة احبط خلال الايام الماضية، مسعى للادارة الاميركية لتمرير صفقة رئاسية في لبنان، نتيجة تقاطع مصالح الادارة الديموقراطية وايران في استنساخ لتجربة 2017، وهو ما حاول الوسيط الاميركي الدفع باتجاهه خلال لقاء الرياض عبر تقنية “زوم”، بمساعدة شريكه الفرنسي، فيما كانت السفيرة الاميركية تمارس جولة من الضغوط على المعارضة لدفعها باتجاه تغيير مواقفها.
واعتبرت المصادر ان اقتصار اجتماع “زوم” على كل من باريس وواشنطن والرياض، جاء بسبب الرغبة الاميركية – الفرنسية باعادة المملكة الى الساحة اللبنانية، واقناعها بان تكون عرابة الرئيس القادم، اذ بعد اختلال موازين القوى لا سيما بعد ما افرزته الانتخابات النيابية من نتائج لا ارجحية فيه لفريق على آخر، لم يعد ممكناً انتخاب رئيس جمهورية الا بالتوافق او بتوحيد كلمة السنّة، وهو ما لا يمكن سوى للرياض ان تفعله، غير ان المصادر تستدرك بان توقيت الطلب غير موفق ، باعتبار ان المملكة لم تتدخل بالقدر اللازم سابقا، فكيف الحال عشية وصول مرشحها الى البيت الابيض؟
عزز هذه الاجواء استمرار المناوشات على خط ميرنا الشالوحي- حارة حريك، اذ يبدو وفقا للاوساط ان عين التينة لم تنجح بعد في تذليل كافة العقبات من جهة، وارتباطا برفض “التيار الوطني الحر” تمرير الصفقة الاميركية التي تراعي حزب الله لحسابات اقليمية، وهو ما دفع امس بصهر الرابية الى اعادة تكرير موقفه، بان التيار “غير موافق على الاستراتيجية الهجومية، خصوصا أننا نتفق على الاستراتيجية الدفاعية وليس الهجومية مع حزب الله”، ما يؤشر الى ان ما حكي عنه من اتفاق لم ينضج بعد.