تتوقع مصادر ديبلوماسية، أن يستمر التراجع في أسعار النفط عالمياً، وأن تستمر معه المحاولات الدولية لاستخدام هذا التراجع كسلاح ضاغط سياسياً في ملفات عدة ذات الصلة بإيران وبسوريا.
لذلك ستستمر حرب النفط من أجل أن تؤثر على الدعم الإيراني لسوريا من جهة، وعلى القرار الإيراني في ما خصّ ضرورة توقيع اتفاق مع الغرب على إزالة البرنامج النووي مقابل إزالة العقوبات الدولية كافة على إيران. فضلاً عن أن هذه الحرب تستهدف الدور الروسي في سوريا، وبالتالي تزيد الضغوط الاقتصادية على موسكو علّ ذلك يكون أسلوباً ناجعاً في أن تعمد روسيا الى تغيير موقفها بالنسبة الى دعم النظام السوري. هبوط أسعار النفط سيؤثر على كل من روسيا وإيران، وستزداد تعقيدات الوضعين الداخليين في كل من البلدين، لا سيما بالنسبة الى إيران التي تعاني عقوبات دولية قبل هبوط أسعار النفط وهي أدت، الى حد كبير، الى قبول إيران بالتفاوض حول برنامجها النووي.
وتفيد المصادر، أن هناك ترقباً غربياً لمدى تأثير هذا الهبوط على القرارات السياسية لدى كل من روسيا وإيران والنظام السوري. وهناك ترقب لكل الحركة الديبلوماسية التي تقوم بها هذه الدول خلال المرحلة المقبلة، للنظر في ما إذا كان الانعكاس سيأتي بالقرارات المتوخاة أم لا. مع الإشارة الى أن الهبوط سيستمر، وهو ليس ناتجاً عن وضع اقتصادي بقدر ما هو ناتج عن قرار سياسي. الروس يحضّرون لاجتماع المعارضة السورية في موسكو. إيران ستستمر في تفاوضها مع الغرب حول النووي. والدولتان تدعمان النظام السوري، في حين أن الموفد الدولي للحل في سوريا ستيفان دي ميستورا يسعى الى تنفيذ خطته، وهناك ترقب لما إذا كان سيسهل النظام تنفيذها أم لا. الغرب يأمل في أن تؤثر أسعار النفط على الموقف الإيراني من الاتفاق النهائي. والاتفاق لن يتم إلا إذا عدّلت إيران مواقفها في التفاوض. ومن غير المعروف إذا كانت إيران قادرة على تحمل مزيد من الضغوط الاقتصادية من جراء تدني أسعار النفط، مثلما تحملت عقوداً من العقوبات، أم لا. وهذا حتماً سيؤثر في أي قرار ستتخذه.
وبالتالي، إن التدني لم يأتِ مصادفة، لكن النتائج قد لا تكون حكماً حسب المأمول منها. الأمر يعتمد على مدى انعكاس ذلك اقتصادياً بشكل يضغط على روسيا وإيران لتغيير مواقفهما. وهذا ربما يكون السلاح الوحيد الذي يمكن الضغط به عليهما. حصلت سابقاً أزمات في المنطقة وكان تدني الأسعار عاملاً مهماً في الضغط السياسي.
إن روسيا تضغط على الأوروبيين بالغاز في الطريقة نفسها.
ففي الآونة الأخيرة، كانت هناك توقعات بأن يتم الاتفاق على المبادئ العامة حول النووي بحلول شهر شباط المقبل، وهي أحد الاحتمالات. لكن المصادر تشير الى أنه من الصعوبة بمكان التفريق بين المبادئ العامة وغير العامة. إذ إن مثل هذه الاتفاقات تتناول تفاصيل محددة فإما أن يُصار الى الاتفاق حولها، وإما لا. كان يمكن حصول نوع من الاتفاق على الخطوط العامة في 24 تشرين الثاني الماضي أي قبل التمديد للتفاوض حتى تموز المقبل. وهذا لم يحصل بسبب عدم وجود ضمانات إيرانية بأن يتوقف البرنامج، وبأن لا إمكان لصناعة القنبلة الذرية مستقبلاً وفي أي وقت، مقابل إزالة كل العقوبات الدولية المفروضة على طهران. الآن إزالة العقوبات عن إيران تواجه صعوبة كبرى في الكونغرس الأميركي، ومن المستحيل تمريرها إنما حالياً لدى كل الأطراف مصلحة في أن يتم الاتفاق النهائي مع إيران، لكن ما هي التنازلات المتبادلة التي ستُقدم؟ حتى الآن لا توجد مؤشرات ايجابية حول توقيع الاتفاق في وقت قريب. والغرب يعتقد أن انهيار أسعار النفط يجعل طهران تقبل بالاتفاق، لأنها ستصبح بحاجة أكثر الى رفع العقوبات عنها، ما يجعل موقفها يتغير.
كذلك ستصبح هناك انعكاسات سياسية على ملفات المنطقة كافة إذا ما نجحت سياسة سلاح النفط. وأي تفاهمات ستحصل لاحقاً ستكون متطابقة مع الشروط المواكبة للمستجدات المترتبة على ذلك.
وإذا ما نجحت فسيتقلص دور إيران في المنطقة وكذلك الدور الروسي. ما يعني أن تغييرات كبيرة ستطرأ على ملفات المنطقة.
وتشير المصادر، الى أن نفوذ إيران وقوتها بلغا الحد الأقصى في الآونة الأخيرة، وليس هناك قدرة على أن يبلغا مستوى أكبر. من هنا ليس هناك خوف من إزالة العقوبات عنها إذا ما اتفق حول إزالة البرنامج النووي. كما أن أي ضغوط من جراء خفض سعر النفط، لن تُمكّن إيران من اجتياز الأزمة بسهولة على الرغم من مواقف مسؤوليها حول القدرة على تخطي كل هذه الضغوط.