«حزب الله» يسوِّق لسياسة التضليل حتى في وسط جمهوره للتغطية على مواقفه الملتبسة من الإستحقاق الرئاسي
محاولة مكشوفة لإلقاء مسؤولية تعطيل إنتخابات الرئاسة على الخصوم
مهما تكن أساليب الحزب في الترويج لمواقف مغايرة لمواقفه الحقيقية، تبقى كل أساليب التضليل التي يروِّجها مكشوفة للرأي العام..
يُمعن «حزب الله» وحليفه «التيار العوني» بمحاولات إلقاء مسؤولية تعطيل الانتخابات الرئاسية زوراً على خصومهم السياسيين وتحديداً «تيار المستقبل» للتهرّب من مسؤوليتهم المباشرة بالعرقلة والتعطيل المتواصلة منذ أكثر من عامين وذلك من خلال منعهم للنواب المنتمين إليهم والمتحالفين معهم من حضور جلسات انتخاب رئيس الجمهورية المتواصلة بالقوة والترهيب بذريعة أن خصومهم يرفضون دعم وتأييد حليفهم النائب ميشال عون لهذا المنصب، في حين يتبيّن يوماً بعد يوم أن التشبّث بهذه الذريعة ومحاولة فرض إسم الأخير كمرشح وحيد لهذا المنصب خلافاً لإرادة وتأييد معظم الطبقة السياسية الناخبة وتجاوز الأسس الدستورية التي تحكم عملية انتخاب رئيس للجمهورية هو منع إجراء الانتخابات الرئاسية بالكامل وإبقاء لبنان الدولة بلا رئيس للجمهورية لأطول مُـدّة ممكنة في سبيل الاستمرار في ضعضعة وإضعاف مؤسسات وإدارات الدولة إلى حدود لم تبلغها من قبل لتسهيل استمرار فوضى تفلّت السلاح غير الشرعي للحزب بالداخل والخارج على حدٍّ سواء كما يسير الوضع عليه حالياً ولإبقاء لبنان مجرّد دولة تخضع لهيمنة ووصاية وتسلّط الحزب والنظام الإيراني على مقدراتها وقراراتها لحسابات ومصالح خاصة على حساب مصالح الشعب اللبناني.
ولم يكتفِ «حزب الله» بتوظيف المنابر السياسية والإعلامية للترويج لسياسة اتهام خصومه السياسيين بتعطيل الانتخابات الرئاسية خلافاً للواقع، بل تعدّاها في الأسابيع الماضية ليستغل مناسبات التأبين المتتالية لقتلاه الذين يسقطون في سوريا، للإمعان في تسويق سياسية التعطيل والكذب والخداع التي ينتهجها بالتعاطي مع الانتخابات الرئاسية، في محاولة مكشوفة لرمي تهمة التعطيل زوراً على خصومه السياسيين الذين يواجهونه بحجة أقوى تتمثّل بمثابرتهم على المشاركة في جميع جلسات انتخاب رئيس الجمهورية وإصرارهم على وجوب انتخاب الرئيس بأسرع وقت ممكن إلى جانب التقدّم بأكثر من مبادرة لإخراج انتخابات الرئاسة من دائرة التعطيل، وكان آخرها تبنّي تأييد ترشيح رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية وهو من حلفاء الحزب الأساسيين، في حين لوحظ أن جميع هذه المبادرات قوبلت بسياسة الأبواب المسدودة من خلال إصرار الحزب على فرض إسم النائب ميشال عون للرئاسة دون غيره من سائر المرشحين المطروحين.
ولذلك، لم يكن من باب الصدفة أن يحاول «حزب الله» تسويق سياسة التضليل التي ينتهجها في موضوع الانتخابات الرئاسية أمام جمهوره في المناسبات العامة والدينية على وجه الخصوص، وذلك بهدف إعطاء انطباع للرأي العام عموماً بأن ما يطرحه الحزب من مواقف بالنسبة للتعاطي مع الانتخابات الرئاسية، ليس مغايراً للموقف الحقيقي والمخفي وليسعى قدر الإمكان لرمي مسؤولية تعطيل الانتخابات في مرمى خصومه السياسيين خلافاً للحقيقة والواقع.
ولا شك أن توجه «حزب الله» إلى جمهوره للترويج لمواقفه وسياساته التضليلية من مسألة الانتخابات الرئاسية، مرده إلى محاولة إزالة الشكوك والالتباسات التي تغلف هذه المواقف الملتوية والضبابية ولإعطائها مزيداً من الصدقية في مواجهة سيل التساؤلات عن فحوى الموقف الحقيقي للحزب، لا سيما ما يتعلق منها باكتفاء الحزب بدعم ترشيح النائب ميشال عون للرئاسة سياسياً وإعلامياً، وعدم القيام بأي مسعى جدي وفاعل لإزالة العقبات والعراقيل التي تقف حائلاً أمام طريقه للوصول الى تحقيق حلمه التاريخي إلى سدة الرئاسة الأولى، إلى جانب نفي كل محاولات عرقلة هذه الانتخابات وتعطيلها.
ومهما تكن أساليب الحزب في الترويج لمواقف مغايرة لمواقفه الحقيقية وحتى لجوئه إلى جمهوره لدعم هذه المواقف، تبقى كل أساليب التضليل التي يروّج لها مكشوفة للرأي العام ولن تلقى أي نتيجة سوى الاستمرار في تعطيل الانتخابات الرئاسية وإطالة أمد الفراغ الرئاسي إلى مُـدّة أطول مما هو متوقع ومرتبطة بحسابات ومقايضات ونتائج الحروب التي يشارك فيها الحزب في سوريا وغيرها، إلا إذا بدّل من ممارساته واقتنع بمبدأ الشراكة مع خصومه وامتنع عن سياسة الفرض بالقوة.