IMLebanon

محاولة للتقليل من نتائج مؤتمر باريس وللتنصُّل من السياسات الاقتصادية السابقة

محاولة للتقليل من نتائج مؤتمر باريس وللتنصُّل من السياسات الاقتصادية السابقة

نصر الله يطرح مشاركة فاعلة للحزب في السياسة الاقتصادية ويحصر نتائج «سيدر» بزيادة الدين العام

 

مناسبة الكلام الجديد الذي أطلقه  الأمين العام لحزب الله هذه المرة بهذا الخصوص يتعلق بالرد على النجاح  الملحوظ لمؤتمر «سيدر»

في كل مرّة تثار فيه الأزمة الاقتصادية والمالية وتطرح المعالجات أو تنظم المؤتمرات المحلية والخارجية لمساعدة لبنان على تخطي مشاكله بهذا الخصوص، يلوح «حزب الله» وهذه المرّة على لسان أمينه العام حسن نصر الله بأنه سيخوض ويشارك بالملف الاقتصادي بفاعلية ولن يترك معالجة الشأن والمشاكل المالية والاقتصادية والقرار بأيدي خصومه السياسيين بالسلطة يخوضون فيه بمفردهم كما كان يحصل حتى الأمس القريب، بل سيكون للحزب الكلمة المؤثرة هذا الملف الحيوي ولن يتردد في إبداء معارضته لأي مشروع أو ملف اقتصادي يطرح على بساط البحث لمناقشته وابداء الرأي فيه.

فهذه ليست المرة الأولى التي يطرح فيها الحزب مسألة شراكته بالقرار الاقتصادي والمالي في السلطة، بل كان يردد هذه المطالبة باستمرار في الماضي من دون التلويح بالذهاب إلى محاولة عرقلة أو تعطيل المشاريع والحلول المقترحة علناً، بل كان يلجأ إلى أساليب ملتوية وغير مباشرة للعرقلة أو حتى اللجوء إلى التوتير الأمني كما حصل مراراً من خلال الاعتصامات المنظمة أو العمليات «التذكيرية» ضد الإسرائيليين كما سماها ردا على التحركات والمساعي التي كان يبذلها رئيس الحكومة رفيق الحريري مطلع القرن الحالي أثناء تجواله بين الولايات المتحدة وفرنسا لحشد الدعم الدولي لمساعدة لبنان في عقد مؤتمر «باريس» يومها.

اما مناسبة الكلام الجديد الذي اطلقه الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله هذه المرة بهذا الخصوص، فيتعلق بالرد على النجاح الملحوظ لمؤتمر «سيدر» والذي فاقت نتائجه توقعات كل المعترضين والمعارضين على حدٍ سواء، ولم يستطع أي طرف لبناني ان يتناوله أو يتهجم عليه كما كان يحصل في السابق بسبب عدم توافر البدائل لمعالجة الأزمة الاقتصادية التي يعانيها لبنان حالياً.

ولذلك، حاول الأمين العام للحزب إثارة مسألة مشاركة الحزب في اتخاذ القرارات الحكومية وعدم ترك البت فيها للأطراف المشاركين بالسلطة بمفردهم، وكأن كل ما كان يُقرّر وينفذ من قرارات اقتصادية ومالية لا علاقة للحزب فيها وغير مسؤول عنها، انطلاقا مما كان يتردد بالمعادلة المعمول بها وترتكز على حرية التحرّك العسكري والأمني للحزب مقابل ترك معالجة الملف الاقتصادي والمالي بأيدي الأطراف الآخرين وتحديداً خصومه السياسيين.

ولا شك ان مطالبة الأمين العام للحزب المشاركة بالقرارات الاقتصادية والمالية في المستقبل تحت يافطة محاربة الفساد والفاسدين وما شابه، إنما هي محاولة مكشوفة لامتصاص نقمة المتذمرين من تردي الأوضاع الاقتصادية على أبواب الانتخابات النيابية، وللتهرب من مسؤولية الحزب بالمشاركة بالسياسات المالية والاقتصادية التي نفذتها الحكومات المتعاقبة طوال العقود الثلاثة الماضية، ولرمي مسؤولية التعثر والمشكلة الاقتصادية على خصومه السياسيين بمفردهم دون سواهم، في حين يعلم القاصي والداني ان «حزب الله» يُشارك بالمجلس النيابي والحكومة ويناقش القرارات والمسائل الاقتصادية والمالية المطروحة ويتخذ المواقف بشأنها.

اما إشارة الأمين العام لحزب الله إلى ان ما حصل عليه لبنان من قروض سيساهم في زيادة الدين العام إلى حدود التسعين مليار دولار أميركي، ما هو الا بمثابة الرد على نتائج المؤتمر ولفت نظر اللبنانيين إلى أن خلاصة المؤتمر هي زيادة الدين على اللبنانيين وليست أكثر من ذلك، في إشارة واضحة للتقليل من مؤثرات هذه النتائج في الحسابات الداخلية، بينما تؤشر النتائج الفعلية للمؤتمر إلى رغبة المجتمع الدولي بمد يد المساعدة الفعلية للبنان لكي يستطيع تخطي مشاكله الاقتصادية ويواجه التحديات العديدة القائمة بفعل ظروف وتداعيات الأزمة السورية وغيرها.

ولكن بالرغم من محاولة الالتفاف أو التقليل من نتائج مؤتمر «سيدر» أو تناوله من خلال زيادة الدين العام على لبنان فقط كلها تبقى عديمة الجدوى أو من دون أي تأثير في توجهات الرأي العام، في حال نجحت الحكومة الحالية ومن بعدها الحكومة المقبلة بالاستمرار في آلية التعاون بين كل المسؤولين، إنطلاقاً مما تحقق بفعل هذه الآلية أولاً لإنجاح المؤتمر وحيازة ثقة المجتمع العربي والدولي لمساعدة لبنان وثانياً في الالتزام بالاسس المطلوبة لتنفيذ سلسلة المشاريع بالشروط الموضوعة بعيداً عن سياسة المحاصصة والمحسوبيات المعتمدة سابقاً بهذا الخصوص، وبذلك يمكن استثمار نتائج المؤتمر والقروض التي حصل عليها لبنان بعملية النهوض الاقتصادي المرتقبة وقطع الطريق على كل المشككين بجدوى وصوابية مؤتمر «سيدر» وغيره.