IMLebanon

علاج انتخابي للتخبط الحاصل

في مجلس الوزراء أمس، خيّمت تداعيات حرب الجرود مجددا. الرئيس ميشال عون أكد على بديهية وضرورة وواجب التحقيق العسكري الذي طلب اجراءه في أحداث الثاني من آب ٢٠١٤ لطمأنة أهالي الشهداء وإبعاد الحديث عن الثأر، مستغربا بعض المواقف التي تحاول اغراقه في المستنقع السياسي، ونافيا استهدافه لأحد، في حين واصلت القوى التي كانت تنضوي ضمن فريق ١٤ آذار الإلحاح على أن يشمل التحقيق ظروف منع الجيش من اكمال المرحلة الرابعة من عملية فجر الجرود، تمريرا لصفقة التبادل التي عقدها حزب الله وانتهت بترحيل من أسروا وقتلوا الجنود، بسلام وأمان!…

وزاد نائب القوات اللبنانية ايلي كيروز على ذلك بسؤال تقدم به الى الحكومة أمس، حول كيفية انسحاب المسلحين والمدنيين من داعش الى مدينة البوكمال السورية، بغياب الدولة عن التفاوض، وانفراد حزب الله والجانب السوري بهذه العملية.

وقد زاد إلغاء مهرجان انتصار الجيش في الجرود، على النحو الدرامي المفاجئ والصادم للكثيرين، الطين بلّة، بين الفريقين، الفريق المطالب بالتحقيق في ما مضى، والفرقاء المصرّين على كشف ملابسات الفاولات الحاضرة، الأمر الذي بدأ يضعف من تماسك التفاهمات السياسية الضامنة لوجود الحكومة، رغم تطمينات الرئيس عون بأن التحقيق الذي طلبه، عسكريا وحسب، أي انه لا يطال المستويات السياسية.

لكن الرئيس تمام سلام الذي يستقبل المتضامنين معه يوميا، منذ الحديث الرئاسي عن التحقيق، لا يرى المسألة بهذه البساطة، وقد بدا عتبه عميقا أمام زواره الذين نقلوا قوله: أنا بموقفي حميت البلد من الفتنة، بينما كان الارهابيون في أوجّ قوتهم، وداعش والنصرة تحتلان دولا…

وسأل: هل كان المطلوب تهديم عرسال، ألم يكن ممكنا حصول مجزرة؟ لقد حصل كل ذلك وكنّا ما زلنا نعالج أحداث طرابلس، فيما التفجيرات تأخذ مداها في المناطق وفي الضاحية وغير الضاحية أيضا.

وقال: هم عملوا صفقة ومشوا بها. لماذا هم مسموح لهم ونحن لا؟ لقد حرّضوا أهالي الجنود علينا وغطّوا السماوات بالقبوات…

ونقل عنه قوله أيضا: أنا أنقذت وطنا، وراضٍ عما فعلت، والبلد لا يبنى بالانتقام، كان همّهم يشيلوا العماد قهوجي لغاية ما، ووصل بهم الأمر حدّ اتهامي بالداعشي… تمام سلام داعشي؟!

الراهن ان الرئيس سلام الذي اعتمد الصمت منذ مغادرته السراي، اكتفى ببيان ردا على الطلب الرئاسي بالتحقيق، وبقليل من فشّة الخلق أمام زواره الآتين للتضامن معه، وفي طليعتهم حليفه الرئيس سعد الحريري، حصل على البراءة دون تحقيق أو محاكمة.

واذا أمعنا النظر بارتدادات هذه التطورات على تفاهم التيار الوطني الحر، والقوات اللبنانية، نرى ان البون شاسع ومسافات الافتراق طويلة، فالقوات كما الكتائب والأحرار وما يعرف بالسياديين، وقفوا خلف الجيش في أحداث جرود عرسال بلا قيد أو شرط، ورفعوا الصوت بدعمهم للدولة، واستنفروا المنتسبين والأصدقاء والأنصار وكل من هو من هواهم، للنزول الى ساحة الشهداء والمشاركة في مهرجان انتصار الجيش، وعندما أعلن عن إلغاء أو تأجيل الاحتفال ارتفع الصوت أكثر، الى حدّ تلويح مصدر قواتي بطرح اعادة النظر بمعاهدة الأخوة والتنسيق مع سوريا!!

بدوره حزب الكتائب اعتبر بلسان رئيسه سامي الجميّل، ان الحاجة باتت ملحّة لرحيل الحكومة، انقاذا للقرار والسيادة الوطنيين.

ولم تكن أجواء رئيس اللقاء النيابي الديمقراطي وليد جنبلاط أفضل، وهو يرى مبادراته التجاوبية تقابل بالصدود، مع تعريض بعض كبار رجالات الدولة القريبين منه، للتجاهل وأحيانا التغييب المستفز…

هذا الوضع السياسي المتخبط، كما يصفه جنبلاط، وجد علاجه عند الدكتور نبيه بري، بالتعجيل في الانتخابات النيابية، ببطاقة ممغنطة أو ببطاقة هوية. فالانتخابات هي التي تعيد ضبط التحالفات، أو تفتح الطريق لتحالفات جديدة، وارتباطات سياسية أجدّ، وتفرض العفو عما مضى، وتؤجل فتح المزيد من الملفات المربكة، وفي صدارة المرحلة ملف التطبيع مع النظام الجار، تناغما مع الزيارة الحريرية لموسكو والعودة بوعد المشاركة باعادة اعمار سوريا…

والمعروف ان التطبيع المطروح جزء من استراتيجية حلفاء النظام في لبنان، وهو من تحصيل الحاصل من جانب الفريق الآخر أيضا، كما يقول النائب محمد الحجار، عضو كتلة المستقبل، انما مع النظام الذي يتوافق عليه السوريون بالطبع…