لطالما دعا البطريرك الماروني بشارة الراعي في عظاته ومواقفه السياسية، الى ضرورة حل المشاكل العالقة والاستحقاقات المصيرية، إن على الصعيد الرئاسي او النيابي، واليوم على الصعيد الحكومي، فشدّد دائماً على تنفيذ ما هو خير لمصلحة لبنان اولاً وليس المصالح الشخصية التي يستعملها البعض من اجل غاياته. وهو انطلاقاً من هنا يبدي آسفه الشديد امام زواره من الوضع المـتأزم الذي وصلنا اليه، في الوقت الذي يناشد فيه الجميع منذ اشهر بضرورة وأهمية تشكيل حكومة وبأسرع وقت ممكن، الى ان اعطى حلاً بتشكيل حكومة من الاختصاصيّين مهمتها تسهيل أمور الناس ونهضة البلد من الانهيار، عبر وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، ويلاقي طرح البطريرك اليوم تأييداً من الخبراء الاقتصاديّين ومن بعض النواب والمسؤولين، ومن الأوساط الشعبية التوّاقة الى الانفراج في ظل الازمات المتراكمة من دون أي حل.
الى ذلك تنقل مصادر بكركي بأن صرخة البطريرك نابعة من خوفه على لبنان ككل وعلى اللبنانيّين عموماً، خصوصاً ان للبطريركية المارونية تاريخاً طويلاً ومتواصلاً يتألف من 77 بطريركاً رسموا نهجاً واحداً، وحملوا رسالة واحدة طوال تاريخها العريق. وبالتالي فثوابت بكركي لا تتغير إطلاقاً فهدفها وحدة لبنان واللبنانيين .
وأكدت هذه المصادر أن الراعي لا يغيّر مواقفه ولا يدخل في «زواريب» السياسة، اذ يحاول ومنذ انتخابه ان يفتح صفحة جديدة مع الجميع، وبالتالي فالصرح البطريركي هو على تواصل مع كل المسؤولين، تحت لواء الحوار مع كل القوى السياسية، ومن الخطأ ان يعمد البعض الى إظهار بكركي وكأنها ضمن تموضع سياسي معيّن، لافتة الى ان البطريرك يحاول جمع اللبنانيين حول قواسم مشتركة بمعزل عن اختلافاتهم في السياسة، وهو يعمل على لمّ شملهم ، وبكركي لا تميّز بين فريق وآخر وهي ليست طرفاً ضد آخر.
وتشير المصادر الى ان البطريرك وبحكم مسؤوليته وموقعه المتقدّم، يشعر بأن الابواب فتحت امام الحذر والخوف ليس على المسيحيين فقط بل على لبنان ككل، مما جعل الهواجس تُطرح، وهو يعمل على حماية مصالح اللبنانيين انطلاقاً من قراءة عميقة للواقع، ولذا على البعض ان يفهموا ان مواقفه لا تعني الاصطفاف السياسي الى جانب أي فريق ، مؤكدة أن سيّد بكركي يدّق اليوم وبقوة ناقوس الخطر علّه يوقظ السياسييّن النائمين في سبات عميق بهدف تشكيل الحكومة، ومن هذا المنطلق يجري اتصالات مع القيادات المارونية والنواب الموارنة ورؤساء الأحزاب بهدف جمعهم قريباً في بكركي، لبحث كيفية الخروج من المأزق الحكومي والضغط من اجل حل هذه المسألة، التي طال انتظارها لمدى 7 اشهر من دون أي حل في الأفق، لا بل بتنا نسمع بأن التشكيلة عادت الى نقطة الصفر، فيما لبنان وصل الى الانهيار.
وبحسب المصادر المذكورة، فالمرحلة الأولى ستشمل فقط المسؤولين الموارنة، لقيام حوار تحت عنوان انقاذ لبنان من الانهيار، مؤكدة أن المسؤولية تقع على عاتق الجميع، والبلد لم يعد يحتمل التأخير والشروط والمطالب التعجيزية، لافتة الى ان الموعد لم يحدّد بعد، لكن بالتأكيد قبل 21 الجاري أي موعد سفر البطريرك الى الولايات المتحدة الأميركية التي ستحمل طابعين راعوي وسياسي، على ان تشمل لقاءاته مسؤولين في الإدارة الأميركية، وبالطبع سيكون لبنان مدار بحث في كل شؤونه وشجونه.