IMLebanon

حكومة ملحق يضاف الى التسوية السياسية

 

 

الرئيس المكلف سعد الحريري مستعجل: داعس بنزين على أعلى سرعة. والكل يدعو الى الاسراع في تأليف الحكومة. لكن طريق الحكومة متعرّج كثير الأكواع ومملوء بالحفر والمطبّات. وقيادة سيارة التأليف بأعلى سرعة مغامرة خطرة. فليس من السهل، وان بدا ممكنا، توافق الأقوياء على تأجيل حساباتهم المختلفة واعطاء الأولوية لحكومة تعالج الوضع الاقتصادي الصعب حسب الحريري. ولا من الممكن، وان بدا سهلا، تأليف حكومة على طريقة ألا كارت في المطاعم: كل كتلة نيابية تختار من لائحة الوزارات ما تريده من الحقائب وتنتقي من تريده لتولي تلك الحقائب.

ذلك ان المستعجلين ليسوا على مسافة واحدة من محطة التأليف، ولا بالطبع على قليل من التفاوت في الأهداف. فهم، بصرف النظر عن الخطاب والشعارات، متعددون في الاهتمامات. ناس تريد قطف ثمار الانتخابات قبل ان يطرأ ما يتجاوزها من تطورات. ناس تريد تشريع فائض القوة. ناس تريد حفظ رأس لبنان وقت تغيير الدول. وناس تريد أية حكومة تضمن موقعا لها فيها. والكل يتحدث بالطبع عن مكافحة الفساد والاصلاح الاقتصادي وبناء الدولة.

لكن الكل يعرف ان المسألة هي ان نضيف أو لا نضيف شيئا الى التسوية السياسية التي أنهت الشغور الرئاسي بانتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية، وأعادت الرئيس سعد الحريري الى السراي. فالتجارب التي مررنا بها منذ بداية العهد حتى اليوم أكدت أهمية التسوية السياسية وصمودها واستمراريتها، بمقدار ما قادت الى اجراء مراجعة لبعض الممارسات والرهانات. والحكومة تحتاج الى تجديد التسوية أو أقله الى ملحق يضاف الى التسوية. أولا لكي تعكس اعادة تكوين السلطة موازين القوى والمصالح التي ثبتت والتي تبدّلت بشكل أو بآخر في الانتخابات النيابية. وثانيا لكي يواجه لبنان المتغيرات والتطورات في المنطقة بما يحافظ على الاستقرار الذي لا يزال مطلوبا محليا واقليميا ودوليا، ويحفظ رأس الوطن الصغير تحت سقف الشرعية من دون تعريضه لعواصف قوية يتوقع كثيرون هبوبها في مرحلة جديدة من الصراع الجيوسياسي في المنطقة وعليها.

والأفضل هو ان تأتي الحكومة على التوقيت اللبناني ضمن مواصفات القوة والتناغم بين الأعضاء لضمان العمل الجدّي على معالجة المشاكل الملحة. لكن من الصعب تجاهل ما يجعلنا، بالخيار والاضطرار مرتبطين بمشاريع على التوقيت المحلّي ورهانات على التوقيت الدولي.

وأكثر ما ينطبق علينا في هذه الأيام هو قول الرئيس الراحل شارل حلو: لا أعرف ما يحدث غدا، لكني أعرف ما يحدث بعد غد.