الاعتزاز والمدح والاشادة، لا تفي وحدها، الجيش حقّه، في ما قدّمه من تضحيات، وبذله من دم، وخسره من ضباط وجنود في عمر الورود، بذلوا حياتهم على مذبح الوطن، ليبقى لبنان وطنا لابنائه، وليس لحفنة من القتلة المهووسين بالقتل والجنس والمخدرات، وشراء السماء بدماء الابرياء، فهذا الجيش العظيم الذي قاوم الارهاب والارهابيين، بالوطنية والشجاعة واللحم الحيّ، قبل ان يواجهه بالقليل الذي يملك من سلاح، يستحق من اللبنانيين جميعا، ومن الدولة خصوصا، ان يبذلوا من اجله الدعم والاحتضان والمحبة، اضافة الى الدعم المادي الذي يساعده على اقتناء السلاح والاعتدة التي تخفّف من وقوع اصابات بين صفوفه من عدوّ تكفيري شرس.
ان استشهاد الجنود في سبيل وطنهم وبلادهم هو حالة مقدسة عند المواطنين في كل زمان ومكان، فكيف اذا انتج استشهاد ضباطنا وجنودنا في عرسال وطرابلس والمنية والضنية لانقاذ وطن بكامله من مصير اسود كان يخطط له هؤلاء منذ زمن، وربما منذ انفجار الثورة في سوريا، وتمدد الارهاب الى العراق اولا ومن ثم الى لبنان، وبطولة جيشنا وشجاعته وتضحياته لم تغب عن تقدير العالم له، ولا عن اشادة وسائل الاعلام العربية والغربية به والتي وصفت معركة طرابلس «بالمعركة المصيرية» ليس بالنسبة الى شمال لبنان وحسب بل الى كل لبنان، لأن انتصار الارهابيين كان يمكن ان يتحوّل الى «تسونامي» بشري، كما حصل في العراق وسوريا، ويوقظ الخلايا النائمة التي يعترف مسؤولون امنيون بأنها موجودة في كل منطقة ولو باحجام صغيرة، ولكنها قادرة على اثارة الذعر والارباك عند الناس.
بطبيعة الحال ان الخطر الارهابي لم يبتعد عن لبنان، ومحاولات التنظيمات الارهابية، سوف تستمر بهدف تحقيق خرق في مكان ما، تستطيع استغلاله لرفع المعنويات من جهة، واحباطها لدى الجيش واللبنانيين من جهة ثانية، ولذلك، فان المواطنين مدعوون ليكونوا العين الساهرة على ما يدور في مناطقهم، والتنسيق مع الاجهزة الامنية التي تقوم في الوقت الحاضر، بجهود جبّارة لاكتشاف الخلايا الارهابية والمتورطين في حرب الارهاب ضد لبنان، ومن المفيد والمطمئن ان هذه الاجهزة على تنسيق كامل مع الاجهزة الصديقة التي تعمل وتتحرّك في لبنان مثل بعض الفصائل الفلسطينية، التي كان لها دور مؤثر في اكتشاف ما كان يدبّر في صيدا، وما يمكن ان يحصل في مخيمات اخرى مثل برج البراجنة وصبرا والبرج الشمالي في صور.
****
ان الحكومة اليوم بعد انجازات الجيش في عرسال وطرابلس والمنية، والسيطرة على الاوضاع في عكار والضنية وصيدا، امام الامتحان الكبير لمعرفة كيف يمكن لها ان تستفيد من هذه الانجازات والوضع مؤات، ومغطى بتوافق سياسي كامل منذ طاولة الحوار الاولى، وهو بند منع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، خصوصا بعد المعارك التي دارت وتدور بين مقاتلي «الجبهة الشعبية – القيادة العامة» في قوسايا ودير الغزال، وبين تنظيمي «جبهة النصرة» و«داعش» اللذين يحاولان الاستيلاء على مواقع الجبهة في تلك المنطقة من البقاع الاوسط، وخصوصا الانفاق المحصنة منها، لتكون ملجأها في الشتاء، ومنطلقها للتمدد باتجاه قرى معيّنة في البقاع الاوسط، ولن يكون سهلا على الجيش اقتلاع التنظيمين من المواقع والانفاق ان هما نجحا في طرد الجبهة الشعبية منها وبالتالي فان توافق اللبنانيين على هذا الامر، سيكون ورقة رابحة يمكن استعمالها عند من همّ قادرون على التأثير.
تبقى هناك نقطتان ساخنتان، لا بدّ لتبريدهما وتجنّب خطرهما، من دخول الشرعية اللبنانية اليهما بالكامل، هما انفاق بلدة الناعمة للجبهة الشعبية، وسجن روميه، لان هذين المكانين يشكلان خطرا مباشرا على الامن اللبناني اولا، وعلى المواطنين اللبنانيين ثانيا الذين يسكنون بالقرب من مكانين اشبه بالبركان الهامد، لا يعرف متى ينفجر ويفجّر معه المناطق القريبة وحتى الابعد منه، واذا كان مفيدا ولمصلحة ابنائنا الجنود الرهائن، اطلاق العاملين في «غرفة العمليات» في سجن روميه، مقابل اطلاق الرهائن، يربح لبنان، مرتين، الاولى استعادة ابنائه، والثانية التخلّص من وكر موبوء في سجن روميه، يشكّل خطرا على سلامة البلد.