ساعة الحوار آتية لا ريب فيها، أما ساعة الفراغ الرئاسي وانتخاب رئيس جديد ففيها ما فيها.
وخصوصاً إذا كان القرار الإيراني لا يزال مقيماً في مربّع السلبيات، أو أن في الأمر متغيّرات ستظهر خلال الأيام المقبلة. هذا إذا لم يتوصّل المتحاورون إلى موقف نهائي ومُلزم في شأنه.
وهنا يتبلور دور الرئيس نبيه برّي كعرّاب لهذا الحوار بكل ما له وما عليه، وإلى جانبه دور النائب وليد جنبلاط، ثم موقف “حزب الله” الحقيقي من الموضوع الرئاسي بفراغه المزمن وباحتمالات التوصّل الى اتفاق على رئيس توافقي.
إلا أن ما ارتسم في الأفق اللبناني في اليومين الأخيرين، ومن بوابة الأمن حيث امتدّت يدُ الغدر مرّة جديدة إلى الجيش فسقط ستة شهداء في مكمن إرهابي، من شأنه أن يقول شيئاً للمعنيّين بالحوار، محليّاً وعربيّاً وإقليميّاً.
فهل هي رسالة من جهة معيّنة، أم أنها مجرّد ردّ فعل على اعتقال زوجتي مسؤولين في “داعش” و”النصرة”؟
باب الاحتمالات مفتوح على كل ما أُتي على ذكره، وكل ما لم يُذكر. المخضرمون وقدامى المحاربين سياسيّاً وصحافيّاً لا يوافقون على الربط بين حادث رأس بعلبك والحوار المنتظر. وإن كانوا لا يستبعدون أن يحاول المتضرّرون، ومنهم النظام السوري، فركشة الحوار أو إزاحته على الأقل عن سكّة الاستحقاق الرئاسي، وما يتّصل بالانتخابات النيابيّة وقانونها.
هنا عند هذه النقطة الملتبسة، يمكن الاستعانة بما سمعه الرئيس تمّام سلام في بروكسيل عن “تركيز الاتحاد الأوروبي على إيجاد حلّ لأزمة المنطقة عبْر إنهاء الحرب السوريّة”. وفي اعتقاد الأوروبيّين أن بلوغ هذا الحلّ “يؤدّي حتماً إلى انتهاء معاناة لبنان”.
كلام الاتحاد الأوروبي جميل، ويدعونا لتوجيه الشكر على تأكيد مواصلة “دعم لبنان اقتصاديّاً وماليّاً وأمنيّاً”. غير أنّ بيت القصيد اللبناني هو اليوم مقيم في قصر بعبدا الرئاسي المقفل الأبواب والمطفأ الأنوار.
وإذا ما كان من دعم وسعي للمساعدة، فإنما ساحة الفراغ الواسعة جاهزة لاستقبال كل الجهود، وكل أصحاب المساعي الحميدة، وكل مَنْ يحاول إقناع طهران بوجوب الاستحقاق الرئاسي في لبنان، و”المَوْنة” على حلفائها المقرّبين جداً ومعهم الجنرال ميشال عون بالإفساح في المجال لانتخاب رئيس للجمهورية.
فالرئيس سعد الحريري أعلن على رؤوس الأشهاد، وعلى الملأ، وعلى المعنيّين في لبنان وإيران وسوريا، أن “تيار المستقبل” جاهز للتحاور والتفاهم على كل ما من شأنه إنقاذ لبنان من محنة الفراغ، واستعادة دور الدولة والمؤسّسات.
وهذي يدي عن بني قومي تصافحكم، فصافحوها تصافح بعضها العرب، ويصافح بعضهم اللبنانيّون، ويُعيّد لبنان مع رئيس تكتمل به الفرحة