شد الحبال الذي يحصل بين حزب الله والقوات اللبنانية بما يتعلق في الحصص الوزارية يصب في خانة من؟ «من الطرف الذي له الفضل في كسر الجمود السياسي اللبناني؟ من الطرف الذي بتحالفاته ونشاطه السياسي ادى الى انتخاب رئيس للجمهورية وانهى شغوراً رئاسياً دام لسنتين؟
القوات اللبنانية تعتبر ان حلفها مع العماد ميشال عون قطع الطريق على انجاح ترشيح الوزير سليمان فرنجية، الامر الذي وضع الرئىس سعد الحريري وحزب الله تحت الامر الواقع والرامي الى ضرورة انتخاب عون رئيسا. وبناء على ذلك ترى القوات انه حان الوقت لقطف ثمار ما زرعته لحصده عبر حصة وزارية وازنة تعكس نفوذ القوات في السلطة. اما حزب الله فهو يعتبر ان دعمه المطلق لعون ووفاءه والتزامه بترشح الاخير فرض على الجميع اعتماد عون رئيساً للجمهورية وهذا يجب ان ينعكس في توزيع الحقائب الوزارية «للاقوياء» وللجهات الفاعلة في لبنان. بين هذا وذاك، صراع سياسي شرس حول مَن هو اللاعب الاستراتيجي والبراغماتي في لبنان الذي بمقداره ان يصوب بوصلة المسائل السياسية في اتجاه معين، طبعا بالحل السلمي وليس بالسلاح؟
والفيتو الذي وضعه حزب الله على استلام القوات اللبنانية حقيبة سيادية لا يعتمد فقط على عدد نواب القوات القليل، بل هذه المعارضة نابعة من عدم القبول بأن يأتي وزير سواء في «الدفاع» او في «الخارجية» يعكس صورة معادية لحزب الله وموقفاً غير ملتزم وغير منسجم مع توجهات المقاومة خاصة في ظل هذه الظروف الدقيقة، حيث يحارب حزب الله في سوريا ويبدي احيانا مواقف في مسائل في دول عربية تغيظ بعض الجهات اللبنانية الداخلية. والحال انه اذا قبل حزب الله بأن يكون وزير الخارجية من القوات اللبنانية او وزير الدفاع قواتياً غير قابل لإبقاء سلاح المقاومة، فانه بذلك يكون قد جلب الدب على كرمه. وهذا ما لا يريده حزب الله لانه يعتبر وضع الفيتو منذ البداية على استلام حزب القوات اللبنانية حقيبة سيادية يجنبه الكثير من التوتر والانغماس في خلافات داخلية لبنانية هو بغنى عنها، اذ ليس من مصلحته ان تتزايد المشاحنات والخلافات بينه وبين افرقاء لبنانيين اخرين علنا. وذلك يعود لسبب واحد تتمسك به المقاومة وهو تصميمها على عدم التورط في زواريب سياسية ضيقة في حين تشدد على تحقيق اهداف وطنية طويلة الاجل، خصوصا ضرب مشروع التقسيم الهادف الى تفتيت الدول العربية خدمة لاسرائيل.
صحيح ان حزب الله يحرص دوما على تعاليه عن الحصص في السلطة لانه يريد قدر الامكان ابعاد كأس تجربة حماس في السلطة وما نتج عنها من تداعيات سلبية عليها، انما في الوقت عينه لن يقبل ان تذهب عن ناظيريه وزارات تحفظ توجهات المقاومة وتحمي سلاحها.
اما القوات اللبنانية فرأت ان عهداً جديداً بدأ، لها فضل كبير في انشائه وهي تعتبر ان الزمن تغير وانها اضحت طرفاً له نفوذ واسع، سواء على الصعيد السياسي او على الصعيد الشعبي، لذلك لم تعد تكتفي بوزارة غير سيادية. الدكتور سمير جعجع اعتبر انه قلب الطاولة بترشيحه لعون وهو الامر الذي انهى الفراغ الرئاسي وهذا حدث مهم تكون المكافأة عليه بنفوذ وسلطة واسعة النطاق في التركيبة الحكومية.
ونعني بالنفوذ هنا استلام وزارة مثل الخارجية او الدفاع تعطي الاولوية لضبط سلطة حزب الله داخل الاراضي اللبنانية ولتقويض نفوذه داخل مؤسسات الدولة.
بيد ان الصراع بين حزب الله والقوات هو اعمق من التنافس على حقائب وزارية بل صراع ايديولوجي على هوية لبنان وإدارة وتوجيه البوصلة في شتى الميادين.